دومًا ما اعتقدت أنني محظوظ لأنني ولدت في نهاية العام، ليس بسبب صفات برج القوس المتفردة، ولا بسبب المعنى الجميل لوجود هذا اليوم في الشتاء، ولكن وجود يوم ميلادي في هذه الفترة يجعله يوم الحصاد بالنسبة لي، فمع الوقت أصبح ذلك اليوم هو اليوم الذي أراجع فيه كل ما حدث لي في العام الذي شارف على الانتهاء، وكل ما فعلته، كل قرار اتخذته وأثره على حياتي على المدى القريب والبعيد.
ولتكن الفترة بين هذا اليوم وليلة رأس السنة فترة تجهيز عقلي ونفسي للتغيير الذي أريده في عامي الجديد، ووجدت أن هناك بعض الحيل التي تسهل تلك المراجعة، وتسهل التغيير أيضًا.
لا لليلة رأس السنة
العنصر الأول والأهم في مراجعة عامك الماضي هو أن تبدأ في تلك الخطوة قبل ليلة رأس السنة بفترة ليست بالقصيرة، اعط نفسك فرصة للتفكير الطويل والبحث المستمر داخل نفسك على الأخطاء، وعلى نقاط التميز أيضّا، واستخدم ذلك الوقت للتفكير أكثر من مرة في نفس الأمر، واخرج لنفسك بالعديد من النظريات التي ستعتمد فيما بعد على أكثر ما تراه صحيحًا منهم، وإذا وصلت لرأس السنة فاحتفل بها، احتفل لتشعر بالتغيير، وبأن عامًا قد مضى وآخرًا قد بدأ، وستبدأ أنت معه من جديد.
بالورقة والقلم
بعد أن اتفقنا على أنه من الأفضل استغراق وقت طويل في التفكير، سيكون طبيعيًا أن نستخدم الورقة والقلم، فمن الضروري كتابة كل ما تفكر فيه، وتغييراته المختلفة، وتطوراته، وكل فكرة تفكر فيها في زاوية التغيير، وذلك لسببين، أولهما ألا تنسى ما كنت قد فكرت فيه مسبقّا فتعود إلى نقطة الصفر مرة أخرى، والثاني هو أن التفكير بالورقة والقلم يعطي عقلك مساحة أوسع في التفكير، فاسترسال الأفكار على الورق يخرج من داخلك ما كنت تظنه غير موجود من الأساس، كما أنه من الممكن أن يخرج على الورق ما لا تفهمه في نفسك، وكنت تظن أنك لا تمتلك تفسيرًا له.
القرارات الصحيحة قبل الخاطئة
القرارات التي تبدأ بالتفكير فيها هي ما نحدد نجاحك أو فضلك في هذا العام، فإذا بدأت في التفكير بالقرارات الصحيحة ستشعر بالنجاح وأنك تريد مواصلته، وأيضًا إذا فكرت في الفشل ستطن أنه عام فاشل وستصاب بالإحباط.
الحقيقة أنه لم يكن عامًا ناجحًا أو فاشلًا، لقد كان فقط به الأبيض والأسود مثل كل شيء، لذلك ابدأ في التفكير في القرارات الإيجابية وانعكاساتها على حياتك، ولكن لا تهمل القرارات السيئة، عد إليها في النهاية لتستفد منها وتتعلم في عامك الجديد.
المحيطون بك
معرفة الناس قرار، والابتعاد عنهم أيضّا قرار، ولذلك يجب في نهاية كل عام أن تبحث في من حولك، في من عرفتهم هذا العام، ومن استمروا معك منذ الأعوام السابقة، وراجع تغيراتهم، ومدى راحتك بعد وجودهم في حياتك، ولا تخجل أو تخف من الابتعاد عمن يرهق حالتك النفسية والمزاجية، وحاول في عامك الجديد أن تزل عن كاهلك عبء عدم راحتك، واستمر في علاقاتك الشخصية التي ترتاح لها، وتسعد بها فقط.
ماذا حدث لي؟
بعد أن انتقيت مجتمعك الصغير الذي ستكمل معه عامك القادم، اختر منهم من تثق برأيه وتقدر تفكيره، واسأله عما تغير فيك هذا العام، ماذا تطور وماذا تغير للأسوأ؟ واسمع من أكثر من شخص، وابدأ في تغيير ما يجمع عليه الناس من سلبيات، وطور ما قيل لك من الجميع من الإيجابيات، ولكن لا تفعل إلا ما تقتنع به حتى تشعر بالتغيير وتستطيع القيام به براحة نفسية.
لا يد لك بها
في الفترة التي تراجع فيها نفسك وتحدد مصيرك للعام القادم لا تلوم نفسك على التغيرات التي فرضتها عليك الظروف التي لا دخل لك بها، فكر فقط في تصرفك هل كان صحيحًا أم خاطئًا، وإذا أردت أن تطور من نفسك فطور في تفكيرك عند حدوث هذه الظروف، واستعن بتجاربك السابقة كي لا تقع في الفخ مرتين، أما الظروف ذاتها فلا دخل لك بها، سواء كانت جيدة أو سيئة، فلا تلوم نفسك ولا تلوم الظروف، فقط ابدأ من جديد.