article comment count is: 0

الأم المثالية VS استرونج اندبندنت وومن

في روايته الشهيرة “أولاد حارتنا” ذكر الكاتب الكبير نجيب محفوظ جملة لا زالت تتردد حتى يومنا هذا “آفة حارتنا النسيان”، ولكن دعوني أغير من هذه الجملة قليلاً لأقول أن “آفة زمننا الحالي هو الحدية الفكرية” فعليك دائمًا أن تتخذ لنفسك مكانًا لا تبرحه.

على سبيل المثال، إما أن تكون مع أو ضد، لا مكان لمناطق الوسط والألوان المتدرجة إما أبيض أو أسود، إما أنتِ أم مثالية أو امرأة عاملة؛ مجتمع الاسترونج وومن لن يرحمك أبدًا لو انكببت على رعاية أطفالك، ومجتمع الأمهات المثاليات الحالمات سيجعلك تشعرين دومًا بالذنب بسبب الوقت الذي تمضيه في عملك، وبصفتي عايشت المجتمعين معًا يمكنني أن أحدثكم عن هذا الصراع:

كيف بدأت الحكاية؟

قبل سنوات طويلة، وتحديدًا في خمسينات القرن الماضي، كان دور النساء ينحصر في الاهتمام بالمنزل وتربية الأطفال؛ وقتذاك لم تكن لديهن أية طموحات تتعلق بحياة مهنية ولكن بمرور الوقت بدأت الأوضاع تتغير شيئًا فشيئًا لأن بعض النساء شعرن أنهن يرغبن في المزيد؛ بمعنى آخر كانوا يريدون بناء حياة خارج عتبات المنزل.

لم يكن الأمر سهلاً بالطبع، فالدروب بالخارج كانت وعرة؛ بعضها ينتهي إلى طريق مسدود بعضها كان زائف ولهذا كان على النساء إيجاد دروب جديدة؛ وهكذا ناضلن بعض النساء طوال نصف قرن من أجل حقوقهن ورغم أن الإحباط كان يواجههن في الكثير من الأحيان إلا أنهن لم يتوقفن إذ اكتشفن في نهاية المطاف أنهن يستطعن الجري رغم تقييد أقدامهن لسنوات طويلة.

حياة المرأة العاملة خارج المنزل

بعد هذا النضال الطويل خرجت المرأة للعمل وتمكنت من الجمع بين حياتها المهنية ومسئوليتها تجاه المنزل، والحقيقة أن المرأة في نضالها الطويل من أجل حريتها لم تذكر يوماً أنها ستتخلى عن أمومتها ولكنها قالت فقط أنها ترغب في فهم العالم والمشاركة في صنعه.
متى بدأ الصراع

أدت شعبية وسائل التواصل الاجتماعي إلى تفاقم الصراع بين دور الأم المثالية والاسترونج وومن رغم أن الفكرة ذاتها مر عليها الكثير من السنوات.

على منصات التواصل الاجتماعي بدأ كل طرف يشحذ نفسه ويستنفر ضد الطرف الآخر؛ والمفارقة الهامة هي أنه وعلى مستوى الفكر لا يجب أبدًا أن يكون هناك فريقين فالقضية في الأساس واحدة ولا يوجد أن تضاد بين المفهومين أو الدورين.

حين بدأت الناشطات النسويات نضالهن في الخمسينات لم يكن فقط من أجل الخروج من المنزل ولكن القضية المحورية كانت في ألا يملي أحد على المرأة أي مسار ستسلك فجميعنا أحرار؛ إذا اختارت إحدانا أن تكون أماً مثالية تتفرغ لتربية أطفالها والاهتمام بهم فلها ذلك ولا يحق لأي أحد أن يقلل من اختيارها، نفس الأمر يسري على الاسترونج وومن.

وبطريقة أخرى، يمكننا القول إن الأم المثالية والاسترونج وومن ماهما إلا وجهين لعملة واحدة؛ لأن الأم المثالية سوف تربي أبناء وبنات قويات والاسترونج وومن لم تكن أبداً لتصبح قوية إلا بوجود أم مثالية زرعت فيها منذ صغرها مبادئ الإحساس بالمسئولية.

ما العمل؟

يؤدي الضغط المتزايد على طرفي الصراع إلى استنفاد الموارد النفسية للطرفين، وهو الأمر الذي يؤثر بدوره على قدرتهم على التكيف مع اختياراتهم الخاصة وتنظيم عواطفهم وسلوكهم.

بمعنى آخر عندما تفتقر الأم المثالية إلى الثقة تشعر بالتوتر من الاسترونج وومن والعكس قد يكون صحيح، والحل يكمن هنا في ألا نقلق تجاه كل ما يُنشر على السوشيال ميديا؛ فنحن لا نرى سوى جانب فقط من أي حياة؛ نحن لا نرى التجربة كاملة، وأفضل ما يمكن أن نقدمه لأنفسنا هو ألا نقلل منها أو ننظر إليها بعين متشككة.

الأمر الآخر هو أننا لا يجب أن نخضع لأي تصنيف أو لأي طرف؛ يمكن أن تكون إحدانا أم مثالية واستروونج وومن في الوقت ذاته هذا هو اختيارها وتلك حياتها، هي قررت أن تهتم بأطفالها وتبني لنفسها حياة مهنية مستقلة.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً