لسنوات طويلة من عمري؛ كانت قراءة الروايات هي نافذتي الأهم للاطلاع على العالم الخارجي، كنت أعيش في بيئة محدودة للغاية بصعيد مصر ووحدها الروايات نقلتني من مكاني الصغير وجُبنا معًا أغلب دول العالم، قرأت الكثير جداً من الروايات ولكن أكثرها تأثيراً هي الروايات التي تحكي عن النساء اللاتي تحدين ظروفهن الصعبة ورسمن طريقهن الخاص في الحياة، بالطبع الرحلة لم تكن سهلة ولكنها كانت تستحق المحاولة، ومن خلال هذا المقال سأحكي لكم عن أهم الروايات التي قد تساعدكن على تجاوز متعرجات الطرق حتى تصلن إلى بر الأمان:
رواية لا تقولي أنك خائفة:
“ كان أبي يدفعنا لأن نتبع غريزة الحرية الموجودة بداخلنا، بل إنه كان ينميها داخلنا، إلا أن هذا جعله أعرج في البداية، ثم أزهق روحه بعد ذلك“
خلال عام 2012 كان الكاتب الروائي والصحفي الإيطالي جوزيه كاتوتسيلا يغطي دورة الألعاب الأوليمبية حين سمع عن طريق الصدفة خبراً صغيراً على إحدى القنوات المحلية يحكي عن فتاة كانت تنوي المشاركة في مسابقة الجري ولكن بعد رحلة استغرقت أكثر من 18 شهر لم تتمكن أبداً من تجاوز البحر الأبيض المتوسط، وماتت وهي تحاول المشاركة، لم يتمالك الكاتب نفسه وقرر أن يسافر الصومال ثم كتب روايته “لاتقولي أنك خائفة” عن العداءة الصومالية الشجاعة سامية عمر.
بين طيات الرواية يحكي لنا الكاتب عن تفاصيل حكاية الفتاة الصومالية سامية عمر؛ بداية من حلم طفولتها بالمشاركة في الأولمبياد ثم حلمها الأكبر بتغيير مصير النساء الصوماليات ولكن هذه الأحلام الكبرى وأدت في مهدها بسبب سيطرة الجماعات الإرهابية على قريتها الصغيرة، هذه الجماعات نفسها التي اغتالت والدها الذي دافع باستماتة عن حلم ابنته، وفي لحظة يأس وبعد مقتل والدها قررت سامية أن تهاجر هرباً من التعاسة والظلام في وطنها، وحين اقتربت من تحقيق حلمها ماتت، وعلى الرغم من النهاية المأساوية للرواية إلا أن الكاتب يرى أن سامية انتصرت في النهاية، وخاضت رحلتها الخاصة وكانت مخلصة لحلمها حتى النفس الأخير.
رواية نساء صغيرات:
رغم صدروها منذ سنوات طويلة جداً إلا أن رواية نساء صغيرات التي ألفتها الكاتبة الأميركية لويزا ماي ألكوت عام 1868 لا تزال تحمل بريقاً خاصاً ومكانة كبرى لدى كل محبي الأدب الكلاسيكي، ولأن الرواية قد حققت نجاحاً مدوياً في أغلب دول العالم فقد صنع منها المخرج الأمريكي هارلي نوليز فيلماً عام 1917 وقت السينما الصامتة، ثم أعاد المخرج جورج كوكر الكرة وصنع من الرواية فيلماً آخر عام 1933، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد ظلت الرواية تتحول إلى شاشات السينما حتى نسختها الأحدث عام 2017.
وتدور أجواء الرواية على خلفية الحرب الأهلية الأمريكية وتحكي قصة عائلة الدكتور مارش الذي ترك عائلته وبناته الصغيرات للمشاركة في الحرب، وفي الوقت الذي كانت فيه الأم تسعى جاهدة للحفاظ على تماسك أسرتها الصغيرة، كانت كل فتاة من الفتيات الأربع تحاول إثبات ذاتها وتسعى لتحقيق طموحها الخاص رغم كل الظروف والتحديات الصعبة التي تمر بها العائلة.
رواية بحجم حبة عنب:
منذ صفحاتها الأولى ستذكرك رواية بجحم حبة عنب للكاتبة المصرية منى الشيمي برواية باولا للكاتبة التشيلية إيزابيل الليندي؛ فبطلة رواية بجحم حبة عنب كانت تحكي لابنها المصاب بورم في المخ قصة حياتها، وإيزابيل الليندي كانت تحكي ماضيها أيضاً لابنتها التي كانت تحتضر جراء الإصابة بالتهاب السحايا.
ومن خلال رواية بحجم حبة عنب التي أتت على هيئة حكايات للطفل الصغير تقص علينا الكاتبة المصرية معاناة السيدات في صعيد مصر؛ فهناك تثقل كاهلهن العادات والتقاليد ولا يُسمح لهن بالتحليق بعيداً عن عائلتهن، ونتعرف من خلال الرواية على قصة البطلة التي درست الآثار في جامعة القاهرة وبسبب سفرها عاشت صراعاً بين الحرية التي ذاقت طعمها في القاهرة وبين الصعيد الذي عادت له في نهاية المطاف حتى تتزوج وتنجب أبنائها الثلاث، ولكن مسار الرواية يتغير قليلاً بسفر الأم والابن إلى القاهرة من أجل العلاج إذ تتذكر الحرية التي نالتها من قبل، فماذا ستفعل؟