article comment count is: 0

بعد التخرج في كليات القمة.. السعي وراء الشغف قد يكون الحل

حتى يومنا هذا لازالت أذكر صوت الزغاريد التي كانت تصدح في بيتنا؛ أصوات الفرحة العارمة والمكالمات التليفونية التي انهالت عليّ بالمباركات، زجاجات المياه الغازية التي وُزعت على الجيران، وأبي الذي يتلقى المباركات بقلب سعيد كون ابنته الصغيرة التحقت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ومن يومها ظل يناديني أبي بـ”معالي السفيرة”.

لم التحق بالسلك الدبلوماسي، ولم أعمل يومًا في مجال السياسة، وحاليًا اكتب هذا المقال وأنا سعيدة لأني اكتشفت باكرًا أني لا أحب السياسة وأفضل الكتابة.

الحقيقة أنني لست الوحيدة التي التحقت بكلية من كليات القمة ثم اكتشفت أن الأمر برمته خدعة، لا توجد كليات قمة: توجد فقط كليات تدرس تخصصات ونحن علينا اختيار التخصص المناسب لنا.

سحر موسى: من الألسن إلى الموضة

تخبرني سحر موسى في بداية حوارنا معًا أنها التحقت بكلية الألسن بعد إصرار والديها كونها كلية قمة ومعروفة.

نزولاً على رغبة والديها التحقت سحر بكلية الألسن قسم اللغة الإيطالية وعملت بالفعل في مجال الترجمة فور تخرجها، وعُرضت عليها الكثير من الفرص ولكن في مرحلة ما توقفت سحر عن العمل لأنها اكتشفت أنها لم تكن تحبه، وقتها كانت تملك ماكينة خياطة في البيت تحيك بها ملابسها الخاصة وملابس أطفالها وبمرور الوقت سألت نفسها لماذا لا تحول حبها العميق للخياطة إلى عمل.

التحقت سحر بعد ذلك بأكاديمية متخصصة في “الفاشون” وبعد ثلاث سنوات بدأت مشروعها الخاص.

في البداية كانت تحيك الملابس لأصدقائها ولأفراد العائلة ومع مرور الوقت كبر مشروعها، سألتها بعد ذلك عن رد فعل عائلتها لترد قائلة بأنهم رفضوا تماماً عملها في مجال الأزياء قائلين لها كيف تتركين عملك في مجال الترجمة كي تعملي “خياطة” ولكن سحر لم تستمع لهم واستكملت طريقها حتى أصبح لها اسمًا معروفًا في الوسط الذي تعيش فيه.

دعاء الورداني: من صيدلانية إلى خبيرة تجميل

على عكس الكثيرات اللاتي يتأخرن في اكتشاف شغفهن الخاص، كانت دعاء تعرف طريقها منذ الطفولة؛ سأصبح خبيرة تجميل وأجعل كل البنات جميلات، كانت هذه هي جملتها المفضلة إذ اعتادت دعاء أن تشتري العرائس ثم تغير في شكلها لتصبح أجمل، تخبرني دعاء أن أهلها كانوا يظنون أن هذه فترة طفولة وستنقضي بمرور الأيام ولكن ذلك لم يحدث.

حين كانت دعاء في الثانوية العامة التحقت بقسم العلمي فقط لأنها كانت تكره الحفظ، ولكنها تفوقت وحصلت على مجموع كبير وهو ما جعل أهلها يضغطون عليها للاتحاق بكلية الطب أو الصيدلة.

تقول دعاء إن أمها قالت لها في ذلك الوقت “ادرسي طب أو صيدلة وبعدين اعملي ما بدالك” وبالفعل التحقت دعاء بكلية الصيدلة إذ لم تكن تريد أن تمضي سنوات عمرها في كلية الطب وبعد التخرج تفاجئت أن والدها توسط لها ووجد فرصة عمل في صيدلية كبيرة.

ذهبت دعاء للعمل من أجل والدها، وهناك كانت ترى يوميًا مستحضرات التجميل شاخصة أمامها وكأنها تخبرها بشيئ ما، أدركت دعاء في النهاية أن والدها ذكرها بحلمها القديم دون أن يدري بعد أن تراكمت عليه سنوات دراسة الصيدلة.

وبعد أربع شهور تركت العمل بالصيدلية وبدأت عملها كخبيرة تجميل، وحققت نجاحًا مدويًا

عصام نصرو: من الهندسة إلى ريادة الأعمال

على عكس التجارب السابقة التي كان للأهل دورًا كبيرًا في توجيه الأبناء، اختار عصام دراسة الهندسة عن كامل اقتناع وتفوق بها وعمل مهندسًا مدنيًا بإحدى الشركات الكبرى، وكان يجد سعادة كبيرة في النزول للمواقع، ولكنه يخبرني أن رغبات الشخص وأحلامه قد تتغير مع مرور السنوات.

أحس عصام أن مجال الهندسة لا يحتوي طموحه الواسع، خاصة وأنه عمل في المجال لسنوات طويلة وبعد فترة دخل شريك في مشروع مختلف خاص به وبأصدقائه.

يقول عصام أن إدارة المشروع كانت ممتعة بالنسبة له أكثر من عمله الهندسي ولهذا خصص لها الكثير من الوقت واستطاع أن يدخل في عدة مشاريع حتى قرر أن يتوقف عن عمله الهندسي في المواقع ويعمل في الإدارة، وحالياً يحلم المهندس عمرو بإنشاء شركته الخاصة ويعمل على حلمه بكل ما أوتي من قوة.

التجارب السابقة وغيرها الكثير تخبرنا أمراً وأحداً؛ لا تتوقف عن الاستماع إلى صوتك الداخلي واعمل بجد واجتهاد، لا علاقة للأمر بالكلية ولا يوجد ما يُدعى بكلية القمة؛ ادرس تخصصك الذي تحب ثم امض في طريقك نحو النجاح.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً