عندما نتحدث عن مفهوم العنف ضد النساء أول ما يبدر إلى أذهاننا هو الضرب والأذي الجسدي الواضح والذي ربما قد يسبب عاهة حتى نعتبره عنفًا حقيقياً، ولكن في الحقيقة رغم شيوع هذا النوع من العنف، إلا أنه ليس العنف الوحيد الذي تتعرض له النساء. فقد لا تتعرض المرأة للضرب أو يبدو على جسدها آثار لخدوش، ولكن هذا لا يعني أنها لا تتعرض للعنف.
إن للعنف أشكال كثيرة بعضها غير مرئي أو ملموس مثل العنف النفسي الذي تتعرض له بعض النساء بعدة أشكال ، ويختلف كثيرون حول اعتباره عنف أم لا ، لذا نكون فى حاجة من حين لأخر أن نعيد تعريف مفهوم العنف ونؤكد بأن له صورًا متعددة جميعها مؤذية.
الإهمال
يعد الإهمال أحد أشكال العنف التي تتعرض له النساء ،وقد لا تنتبه كثيرات منهن أنه يعتبر عنفاً، وفيه لا يتعامل الشريك مع الطرف الآخر بمسئولية أو يأخذ العلاقة على محمل الجد ،بل يكون مستهتراً ولا يهتم بشكوى شريكته أو يتعامل معها بشكل يقوم على المشاركة، بل يهملها بعدم التحدث معها ،أو مشاركتها في حياته وأحداثه اليومية ،أو معرفة ما يحدث معها من أمور إيجابية أو سلبية، وهذا أحد أشكال العنف المنتشرة.
التحقير والتقليل
أحد أشكال العنف النفسي البارزة تجاه النساء هي التعنيف بالتحقير والتقليل من شأن المرأة/ الشريكة، فيحاول شريكك دائماً اتهامك طوال الوقت بالجهل وأنك لا تعرفين شيئًا في الحياة وأقل خبرة منه، في كل موقف تتحدثين فيه، حتى وإن كان ما تتحدثين فيه هو مجال تخصصك الدراسي مثلًا، وبالأخص أمام الآخرين، حتى تفقدي الثقة في نفسك تدريجياً، وتصدقي ما يقوله فعلاً.
التلاعب النفسي
مصطلح ال gaslighting هو مصطلح حديث نسبياً في العالم الغربي وبدأ بالانتشار في السنوات القليلة الماضية في العالم العربي، وليس هناك اتفاق حول تسميته، ولكن ترجمته الحرفية هو إضاءة الغاز، ويرجع المسمى لقصة أمراة كان زوجها يمارس عليها التلاعب النفسي الذي يوهمها فيه بحدوث أشياء معينة لم تحدث في الحقيقة، فكان يوهمها مثلاً بأن المصباح غير مضاء وهو مُضاء وغيرها الكثير من الأشياء غير الحقيقة حتى شكت المرأة في قواها العقلية وأوشكت على الإصابة بالجنون. هذا النوع من العنف قوي ويؤثر سلبياً على النساء ويعتمد على هشاشتهن النفسية وإحساسهن بعدم الثقة. وفيه دائماً ما يعتمد الرجل على الإدعاء بأن أشياء حدثت أو لم تحدث على غير الحقيقة، وهذا النوع خطير للغاية وعواقبه وخيمة.
الملاحقة والتتبع
الملاحقة والتتبع في العلاقات تعني أن يرافق الشخص شريكته طوال الوقت ولا يعطي لها مجالًا للحركة بمفردها أو مساحة شخصية للحديث بأسمها، وعلينا هنا أن نفرق بين الخروج بحب بين الطرفين والرغبة في قضاء الوقت معاً وبين الملاحقة الإجبارية التي يقوم بها الشريك.
الابتزاز العاطفي
في الابتزاز العاطفي يقوم الشريك بطلب أشياء معينة لا تريدين فعلها تحت حجج أنه يحبك وإذا لم تفعليها فسيقل حبه لك ،أو تتغير معاملته معك، قد تحدث تلك السلوكيات مع أشياء لا تحبيها أو ترغبي في فعلها ،ويقوم بالضغط عليكي باستخدام سلاح حبك له أو حبه لكى واستخدامه كوسيلة تهديد، وهذا أيضاً أحد أشكال العنف النفسية والعاطفية التي تتعرض لها النساء، لأنه من غير المقبول أن يستخدم أي شخص عواطف ومشاعر الطرف الأخر كنفطة ضعف أو وسيلة تهديد ضده .
هناك أشكال العنف النفسي كثيرة ومتنوعة ويمكن أن تتعرض المرأة لأكثر من نوع من أنواع العنف في العلاقة الواحدة، لذلك علينا أن نتصدى للأمر بتعريف العنف ثم وضع حد له مع الشريك بعدم السكوت عليه .