article comment count is: 0

في حملة مناهضة العنف ضد المرأة: 5 سيدات يروين تجاربهن “المريرة”.. والمعتادة أحيانًا!

فكرت كثيرًا.. ماذا سأكتب في إطار حملة الـ16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة، ولم أجد غير أن أفسح المجال لأصحاب القضية والمتضررات بشكل مباشر ليروين تجاربهم، والتي تبدو عادية ومعتادة في بعض الأحيان، ولكنها في الحقيقة قصص وتجارب استثنائية إذا توقفنا عندها وتخيلنا أنفسنا في تجارب مماثلة.

التحديات التي تواجه النساء العاملات في القطاع غير الرسمي أو العمالة غير المنتظمة؛ ومخاوفهن والصعوبات اليومية التي يتعرضن لها في السطور التالية:

ظروف عمل صعبة للغاية

“أستيقظ كل يوم في الخامسة فجرًا، أعد الفطور لأولادي ثم أخرج بحثًا عن لقمة العيش وأعود في السادسة مساءً” هكذا بدأت معي “أم سعيد” بائعة الخضروات حديثها؛ تخبرني أنها تستقل ميكروباص من بيتها لتذهب إلى السوق، وهناك تفترش الأرض ثم تجمع الخضار وتكومه، ولم تكتف أم عمرو ببيع الخضروات ولكنها تقوم أيضًا بتجهيز وإعداد الكوسة والباذنجان حتى تجذب المزيد من الزبائن وخاصة السيدات العاملات.

أم سعيد بائعة الخضار

حين سألت “أم سعيد” البالغة من العمر 50 عاماً عن صعوبات عملها، قالت إنها “جبل وبـ100 رجل” ولا تخش الصعوبات ولكنها لا تحب أبدًا العودة إلى البيت مع ما تبقى من الخضروات التي تبيعها والتي بالتأكيد لن تصمد لليوم التالي، كما أنها ورغم تأكيدها على أن “الرزق بتاع ربنا” إلا أنها تفزع أن يقل إيرادها اليومي الذي تنتظره عائلتها بصبر.

ليست “أم سعيد” وحدها التي تستيقظ قبل طلوع الشمس من أجل العمل؛ “فاطمة عمران” أيضًا تصحو مثقلة الجفون في الساعة الـ 4 فجرًا لأن المسافة بين منطقتها الشعبية والمنطقة الراقية التي تعمل بإحدى منازلها طويلة بعض الشيء.

تضطر فاطمة إلى ركوب توك توك وميكروباصين في هذا الوقت المبكر حتى تصل لوجهتها، وأي تأخير ولو دقيقة واحدة عن الموعد يُخصم من أجرها اليومي الهزيل.

تقول فاطمة “أبدأ عملي بنظافة البيت في الثامنة صباحًا، ثم أحضر طعام الغذاء وأغسل المواعين والملابس وألمع الزجاج والخشب، وحين انتهي تتبرم صاحبة البيت من تقصير هنا أو هناك لتخصم من أجري اليومي”.

وتضيف “أحياناً تعطيني من طعام اليوم السابق وتخصم أيضًا من الأجر”.

لا تستطيع فاطمة أن تعترض لأن سوق العمل متخم بالخادمات وإذا اعترضت ستنهي ربة المنزل عملها في ثانية واحدة وتستعيض عنها بأخرى.

رزق يوم بيومه

أصعب تحدي يواجه سيدات العمالة الغير منتظمة هو عدم الأمان المالي؛ وهو ما تؤكده “تيسير أبو الحمد” إحدى العاملات باليومية في القطاع الزراعي.

تقول تيسير “تمشي أمور العمل على مايرام وقت حصاد المحاصيل فقط، وغير ذلك من أوقات السنة الرزق يوم بيومه وغير ثابت، وغالبًا ما يفضل أصحاب الأرض إعطاء العمل للرجال” ولهذا فإن تيسير تضطر في بعض الأيام إلى تقليص عدد الوجبات اليومية لأطفالها خاصة وأنها العائلة الوحيد للأسرة.

وفي غير أوقات الحصاد وحين يكون العمل الزراعي قليل تذهب تيسير إلى أحواش البهائم لتنظف أماكنها وتحلب الأبقار وتطعم البهائم وتسقيهم.

تضيف تيسير “حين يشح العمل في قريتنا أذهب إلى القرى المجاورة، وأعمل حتى غروب الشمس، ولكني أخاف قليلًا وقت العودة من الكلاب والذئاب”.

“سلمى ياسين” ترى أن عملها بإحدى شركات التسويق يسير بشكل جيد، ولكن مشكلته عدم وجود راتب ثابت.

تحكي عن طبيعة عملها “هناك عدد من استمارات تقييم المنتجات علي إنهائها وإلا لن أحصل على جنيه واحد”.

وتضيف “مشكلة عملي الأساسية ليست في الراتب، فأنا عادة ما اقترض المال من أمي وأخي ولكن في ظروف عملي؛ فأنا يجب أن أضع سماعة الهاتف لأكثر من 10 ساعات يومياً وممنوع الحديث أو الاستراحة داخل الشركة”.

سلمى

مقابل هزيل

ترى تيسير أن عملها في في مجال الزراعة صعبًا للغاية، ومع ذلك لا يُقدر بالشكل الملائم وهي نفس الإشكالية التي تواجه فاطمة وسلمى؛ لماذا نعمل كل تلك الساعات يومياً دون جدوى.

وهذا أيضًا ما تراه “شيماء عصام” عاملة التشطيب بإحدى مصانع الملابس؛ تمسك شيماء كل يوم المقص طوال 12 ساعة للتخلص من الخيوط الزائدة وممنوع الاستراحة لأكثر من نصف ساعة تتناول فيها شيماء وجبة بسيطة ثم تعود لتحني رقبتها من جديدة، وفي نهاية اليوم تجني 100 جنيه على حد قولها، وفي طريق العودة تمر لتشري الطعام لإخوتها الصغار في المنزل.

شيماء سُرحت من عملها أثناء أزمة فيروس كورونا وسلمى طُلب منها أن تأخذ إجازة مفتوحة حتى يتم الاتصال بها، وبالطبع لا توفر لهم الأماكن التي يعملن بها أية تأمينات أو ضمانات مالية.

مطالبهن بسيطة

ضحكت “أم سعيد” حين سألتها ماذا تطلب ليتحسن حالها في العمل، قالت “منذ صغري وأنا أعمل بمفردي لم يساعدني أحد” ولكنها عادت لتقول إن مطلبها هو معاش بسيط للغاية يمكنها أن تأخذ إجازة ليوم واحد حتى ترتاح دون أن تخاف من قلة المال.

فاطمة تحلم أن يكون هناك حد أدني للأجر الذي تتقاضاه؛ تقول “لا أريد أن تقيم عملي ربة المنزل وفقًا لحالتها النفسية؛ حين تكون سعيدة وراضية تعطيني أجري وحين تكون ساخطة تخصم منه، ما ذنبي أنا وحالتها النفسية”.

تيسير تخبرني “أريد شهرية ثابتة أصرف منها على أطفالي، كما أحلم ألا يبخسني صاحب الأرض حقي لأني امرأة، فالرجال يتقاضون أجرًا يوميًا أعلى مني رغم أننا نقوم بالعمل ذاته”. سلمى تريد أن تأخذ راتبًا شهريًا ثابتًا ونسبة على الاستمارات مثل موظفي المبيعات في الشركة التي يعمل بها شقيقها، وشيماء ترغب بتأمين صحي واجتماعي من المصنع الذي تعمل فيه.

الخطر يداهم هؤلاء بشدة

“أتدرين ماهو المخيف أكثر من فيروس كورونا، إنه الفقر” هكذا ردت علي “أم سعيد” حين سألتها عن ظروف عملها بعد الكورونا.

الحقيقة أن هذه الأوضاع شديدة الخطورة خاصة في ظل غياب وجود دعم لهذه الفئات الأكثر تضررًا والتي تواجه خطر الجوع حرفياً كل يوم، فجميعهن يخرجن كل صباح وهن لا يدرين هل ما سيحصلون عليه من أموال سيسد حاجاتهم وحاجة الأسرة أم لا.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً