كان واضحاً من البداية أن فيروس كورونا جاء ليغير جوانب كثيرة في حياتنا ليقلبها رأسًا على عقب ويخلق تقويمًا جديدًا فالحياة قبل الكورونا تختلف عن الحياة من بعده.
أجبر هذا الفيروس آلاف الشركات على إغلاق أبوابها في وجه موظفيها مما تسبب في تسريح الكثير من الموظفين ودخول البعض في إجازات طويلة لا أحد يعلم كيف سيخرج منها، ولا شك أن فقدان الوظيفة يفرض الكثير من التحديات المالية على الذين فقدوا أعمالهم فجأة ولكن ماذا عن التداعيات النفسية لهذا الأمر؟ كيفية تجاوز محنة فقدان الوظيفة والتكيف مع الوضع الجديد الذي فرضه هذا الوباء العالمي.
1- استيعاب الصدمة
تحت وطأة فقدان الوظيفة قد يتعرض أي شخصية لصدمة نفسية ولكن هذا الشعور يتضاعف في الوقت الحالي بسبب حالة الغموض التي نعيشها.
يقول الإخصائي النفسي من نيويورك “آدم بنسون” أن بعض الأشخاص سيحاولون في هذه الأزمة إخضاع كل شيئ للسيطرة ولكن الحل الأسلم للتعامل مع الصدمات النفسية هو أن نعترف في قرارة أنفسنا أن هناك بعض الأمور يمكن أن تخرج عن سيطرتنا سواء رضينا بذلك أم لم نرض.
ويرى علماء النفس أن ألم فقدان الوظيفة يعادل نفس الألم الناتج عن فقدان شخص عزيز عليك؛ إذ يمر الشخص حينها بنفس المراحل الانفعالية المرتبطة بالحزن؛ في البداية تأتي مرحلة الصدمة والإنكار ثم تليها مرحلة الغضب ووصولاً في النهاية إلى تقبل الأمر الواقع>
يرى بنسون أنه من الأفضل للشخص الذي فقد وظيفته أن ينفس عن غضبه ولا يكبت ذلك الشعور بداخله فمن شأن تلك الخطوة أن تساعده على الاعتراف بالمشكلة، ويحذر من إنكار البعض للألم الذي ينتابهم من فقدان الوظيفة وأغلبهم يقول لنفسه “ما دام الجميع يفقدون وظائفهم فلماذا أشعر بالحزن؟” في هذه الحالة يقول بنسون أن فقدان الجميع لوظائفهم لا علاقة له بمسألة الحزن ويجب على الموظف أن يستوعب الصدمة جيدًا حتى لا تترك بداخله أثرًا سيئًا.
2- الحفاظ على التوازن النفسي
يكمن القلق الرئيسي في هذه المرحلة لدى كثيرين في المجهول الذي يحيط بكل الأمور وإلى متى سوف يستمر هذا الوضع، وكلما طال أمد الوضع الحال زادت الأزمة المالية مع الألم النفسي المصاحب لها، فالضغط هنا ناجم بالأساس عن بيئة عدم اليقين الحالية.
وفي هذا السياق يؤكد الكاتب الأمريكي داميان فولر أن هناك أمور في حياة الإنسان يمكننا التحكم بها وأمور أخرى لا يمكننا ذلك، وحل تلك الإشكالية يكمن في محاولة تحقيق التوازن في الأمور التي نستطيع التحكم فيها.
بمعنى آخر، يحتاج العامل الذي فقد وظيفته إلى الجلوس مع نفسه قليلًا وتحديد المشاكل الفورية التي ستواجهه بعد فقدان العمل مثل دفع الإيجار والفواتير على سبيل المثال أو نفقات الأسرة وكخطوة ثانية يجب أن يعترف الموظف لنفسه بأن الأمور على المدى القصير ستكون صعبة بعض الشيئ حينها فقط سيتمكن من تجاوز تلك الأزمة بقوة، وبجانب ذلك يجب أن يتقبل الموظف بعض التغييرات في حياته مثل الاستغناء عن بعض الأشياء الكمالية.
3- تواصل لتبقى قويًا
قد يكون رد الفعل الطبيعي لبعض الأشخاص في هذا الوقت العصيب هو الانسحاب تدريجيًا من محيط العائلة والأصدقاء إما بدافع الخجل والإحراج أو بدافع الحزن، ولكن لا يجب التقليل أبداً من الدور الذي قد يلعبه دعم المحيطين في تجاوز هذه المحنة فلا شيئ يعمل على تهدئة الجهاز العصبي مثل التحدث مع مستمع جيد.
لا يتعلق الأمر هنا بتقديم الحلول ولكن يجب أن تبقى على تواصل مع محيطك المباشر لتستمد منهم الثقة وتظل واقفًا على قدميك وهنا نتحدث عن العائلة في المقام الأول ثم الأصدقاء.
4- ابق إيجابيًا للحفاظ على طاقتك
لاشيئ يدمر نفسية الإنسان مثل تسرب الطاقة السلبية والشعور العارم بالإحباط والفشل، ولذلك يجب عليك في هذه المرحلة الحفاظ على إيجابيتك ويمكنك تحقيق ذلك عبر الالتزام بروتين يومي منتظم يشمل؛ ممارسة الرياضة يوميًا والحصول على قسط وافر من النوم هذا بالإضافة إلى التدرب على تقنيات الاسترخاء مثل اليوجا والتنفس العميق للتخلص من التوتر.
وأخيرًا فقدان الوظيفة ليس نهاية العالم، وعلى الرغم من طغيان الإحساس بعدم الأمان الذي يعترينا بعد ترك وظائفنا إلا أننا يجب أن نتماسك ويجب أن ندرك أنها أزمة عالمية، علينا أن نتحلى بالهدوء حتى نعبرها بسلام.