يومًا ما في أحد المعسكرات الشبابية التدريبية كنا جالسين مع قائد المعسكر، وهو شخصية ذات كاريزما طاغية وتأثير كبير على من حوله، يستطيع أن يخبرك لماذا قمت بفعلٍ ما وقد يخبرك بدوافعك أو يشرح لك دوافع شخص آخر في موقف ما أغضبك فتشعر بالتعاطف معه لا الغضب منه.
كيف يستطيع هذا القائد أن يُدرك الأحاسيس والدوافع المخفية بهذا الوضوح ويُجيد فهمها والتعامل معها؟ وجّه أحدنا هذا السؤال لقائد المُعسكر فأجاب أنها عوامل الخبرة في التعامل مع البشر، فضلًا عن الذكاء العاطفي المرتفع والذي يساعده في فهم نوعية الأشخاص من حوله والتعامل مع كل منهم بالطريقة الأنسب له.
الذكاء العاطفي يتضمن خمسة مهارات أساسية هي: 1- الوعي بالعواطف، 2- إدارة المشاعر، 3- كيفية تحفيز نفسك للوصول إلى هدفك، 4- كيفية استيعاب مشاعر الغير ودوافعه 5- كيفية إدارة علاقاتك ومواقفك بطريقة جيدة.
ولكننا في هذا المقال سنقوم بالتركيز على المهارة الرابعة، وذلك لما لها من أهمية في حياتنا العملية ومسارنا المهني.
بحسب نظرية “DISC” فالأنماط الرئيسية للبشر تنقسم إلى 4 أنماط رئيسية، بالطبع كُلٌ منا يحمل بعض الصفات من جميع الأنماط، ولكن هناك نمط سائد أو مُتغلّب في كل فرد، ومن خلال فهم صفات كل نمط يمكن وضع طريقة للتعامل معه بشكل ناجح.
1- النمط القيادي:
– يتميز بميوله نحو السيطرة والهيمنة والقيادة.
– يبحث عن الإنجاز والفاعلية في العمل وفى حياته الشخصية.
– يتوقع من الآخرين تنفيذ أوامره وقراراته وملاحظاته.
– صفاته الأساسية : جرئ، طموح، حازم، مغامر، صريح، قوي الشخصية، يحب التحدي، يقوم بإعطاء الأوامر، يقوم بحل المشكلات واتخاذ القرارات.
– يميل إلى فرض رأيه على الآخرين، يدافع عن رأيه بشدة، لا يهتم كثيرًا بالمشاعر في كلامه.
– لا يُفضّل: التفاصيل الكثيرة، أو عصيان أوامره، إنكار أو إهمال رأيه، الغير جادين في العمل.
-في الأزمات يميل إلى التحكم في الآخرين وإعطاء الأوامر والتعامل بحزم شديد وإبداء رأيه مهما كان صادمًا وغير عاطفيًا.
كيفية التعامل معه:
امنحه السلطة ولو ظاهريًا، واقترح عليه الأمور واترك له اتخاذ القرار، لا تخالفه بشكل مباشر، تفهّم طباعه وتحدث إليه من مُنطلق أن التغيير وتقبّل الآخر تحدي كبير لا يقدر عليه الكثيرون.
تفهّم: أنه ليس عدوانيًا أو بلا مشاعر هو فقط يُركّز على النتائج.
(2) النمط المُعبّر:
– يتميز بميوله نحو التأثير في الناس والتفاعل معهم وإلهامهم.
– يبحث عن إفادة الآخرين والتأثير فيهم.
– يتوقع من الآخرين التقدير والاحترام.
– صفاته الأساسية : متحمس، مُبهر، ذو كاريزما عالية، مرح، متفائل، مُقنع، مُبدع في حل المشكلات، مُحفّز ومُشجّع لغيره، يحب المديح، يقضي الكثير من الوقت في العلاقات والجوانب الشخصية، لا يحب الرسميات، يعمل بالتوازي في أكثر من موضوع معًا.
– لا يُفضّل: التفاصيل، الحزم في الأمور، النزاعات.
– في الأزمات يميل إلى تهدئة الأمور واستخدام الألفاظ المؤثرة والمُعبرة وقد لا يُفضّل البقاء إذا احتدمت الأزمات.
طريقة التعامل:
تفهم رغباته في الحديث الكثير والتأثير، حاول توجيهه بلطف إلى العمل والوقت، واسأله بدلاً من أن تأمره أو ترشده.
تفهّم: أنه ليس فوضوياً لكنه يحب أن يؤثر في الآخرين ويفيدهم.
3- النمط الودود:
– يتميز بميوله نحو اللين وتقديم خدمة الآخرين على مصالحه الشخصية أحيانًا.
– يبحث عن الانسجام بين الناس والبعد عن الخلافات أو النزاعات.
– صفاته الأساسية : دبلوماسي، لين الطبع، كريم، مُجامل، يراعي المشاعر، متعاون، يحب تقديم الخدمات لمن حوله، مُخلص، يُعتمد عليه، مُستمع ممتاز
– لا يُفضّل: التغييرات، الحِدة في المواقف والحديث، أن يأخذ هو بذمام المُبادرة، اتخاذ القرارات السريعة.
– في الأزمات يميل إلى تهدئة الأمور واتباع الأوامر وعدم تحمّل ذنب أو مسئولية الأخطاء.
طريقة التعامل معه:
– امنحه الثقة والتشجيع، امدح عمله، قدّم إليه المشورة.
– تفهّم: أنه يخاف من الخطأ أو أن يلومه الناس.
4- النمط الحذِر:
– يتميز بميوله نحو الدقة والتفاصيل والجودة.
– يبحث عن إنجاز الامور بأعلى جودة واحترافية ممكنة من كل الجوانب.
– صفاته الأساسية : قوي الملاحظة، حذر، متردد أحياناً، هادئ، ينخرط في التفاصيل، يقضي الكثير من الوقت قبل اخذ القرارات، يُنكر الاخطاء، تحليلي، يُفضّل العمل منفردًا.
– لا يُفضّل: أن يقع في الخطأ على المستوى الشخصي أو على مستوى المجموعة، الأمور السطحية والتي لا يعرف حدودها بشكل منضبط.
– في الأزمات يميل إلى الرجوع إلى القواعد واللوائح، إلى اكتشاف المُخطئ وإقامة الحُجة عليه.
طريقة التعامل معه:
تعامل معه بالأرقام والتفاصيل، احترم اللوائح والقوانين، لا تطلب منه اشياء مُفاجئة كثيرًا لأن ذلك يُربكه.
تفهّم: أنه لا يُحب تصيّد الأخطاء، هو فقط يحب الدقة والتفاصيل وجودة المهام.
التعامل مع كل نمط بما يناسبه وتفهُم أفعاله ودوافع سلوكه قطعاً سيساعدنا كثيرًا في تقبل سلوكيات الآخر وأن نضعها في إطار الغرض الأساسي منها لدى الفرد نفسه لا في إطار تفسيراتنا لها، وبالطبع سوف يساعدنا في بناء علاقات أفضل وأعمق نفهم فيها الآخرين ونستطيع التعامل معهم بشكل أكثر أريحية.