صُنعت الأعمال الدرامية في الأساس من أجل الترفيه ومن ثم تمرير فكرتها في سياق يهدف إلى إمتاع المشاهد، ويمكن القول إن ذروة الإبداع الدرامي تتلخص عند مزج التسلية والترفيه مع فكرة قوية تترسخ في ذهن المشاهد وتدفعه إلى تطوير فكره ونفسه.
ما يميز العمل الدرامي هو أنه يجعلك تشاهد الأمور وأنت خارج السياق؛ تعيش الحالة دون تحمل تبعاتها، تختبر التجربة من دون الدخول فيها.
لن أعيش في جلباب أبى هو مسلسل مصري، تدور أحداثه حول قصة صعود ونجاح عبد الغفور البرعي من كونه عامل بسيط إلى رجل أعمال ثري، إلا إنه عانى من عناد ابنه الوحيد وابتعاده، وإصراره على أن تكون له قصة نجاح مستقلة، المسلسل يتناول وبشكل واضح وبسيط فكرة رغبة الأبناء في الاستقلال المهني ومحاولة الأباء السيطرة عليهم.
وقد أفاد المركز الوطني لإحصائيات التعليم في الولايات المتحدة أن 80% من طلاب الجامعات يغيرون تخصصهم أثناء الدراسة؛ في هذه الإحصائيات يقول الطلاب إنهم اختاروا تخصصهم بناء على رغبات الأهل، ولكن ماذا لو لم يستجيبوا وصنعوا مسارهم الخاص، كيف سيكون الأمر؛ لندع الأعمال الدرامية تخبرنا:
فيلم Rudy.. لا توجد أحلام مستحيلة
“منذ كنت صغيرًا وعلى على مدار حياتي كلها، ظل الجميع يخبرني بما أستطيع أو لا أستطيع فعله، وكنت دائمًا أستمع إليهم وأصدقهم، ولكنني لا أريد عمل ذلك بعد الآن”. .رودي.
يحكي الفيلم الأمريكي “رودي”، الذي انتج عام 1993، القصة الحقيقية للاعب كرة القدم الأمريكي دانيال رويتايجر الشهير برودي؛ فمنذ نعومة أظافره لم يكن لدى رودي سوى حلمًا وحيدًا وهو أن يكون لاعب كرة قدم، ولكن ضعف مستواه الدراسي وافتقاره للمهارات الرياضية وعدم توفر المال الكافي، ووقوف عائلته في وجه حلمه كانوا عقبات هائلة للغاية تطلبت منه قدرًا هائلاً من الإصرار حتى يتخطاها.
يقول رودي، خلال أحداث الفيلم، إن العائق الأساسي الذي منعه لفترة طويلة من تحقيق حلمه هو التثبيط المستمر الذي كان يتلقاه من أهله وجميع أفراد عائلته منذ صغره، لم يكن يشجعه سوى صديقه الذي توفي في حادث سيارة مروع، ومن هنا تحديدًا قرر رودي البدء بادخار المال من أجل حلمه.
كانت الخطوة الأولى التي نجح في تحقيقها هي الالتحاق بجامعة نوتردام، ولكن لضعف مستواه الدراسي لم يتمكن من النجاح في بداية الأمر، ولكنه فعلها في النهاية بفضل مثابرته.
وقد تبين أن رودي كان يعاني من عسر القراءة، وحين ساعده أحد الأصدقاء تمكن من النجاح ولعب في فريق كرة القدم الأمريكي.
في حالة رودي نحن أمام نوع مختلف من الأهل؛ هذا النوع لا يقف أمام حلم أبنائه لأنها ضد رغبتهم ولكنه يفعل الأسوأ، إذ يقنع الأبناء بأنهم لن يستطيعوا النجاح ولن يتمكنوا أبدًا من تحقيق أحلامهم الخاصة، ولكن رودي تمكن في نهاية الأمر بسبب إصراره على تحقيق حلمه وصنع مساره الخاص في الحياة.
فيلم 3 idiots.. الشغف في مقابل الوظيفة المرموقة
“لا تدرس لكي تنجح، ادرس لكي تحسن من نفسك، لا تجرِ وراء النجاح، بل ضع عينك على التميز، والنجاح سوف يتبعك أينما كنت” مقولة رانشو (عامر خان) في فيلم 3 idiots
تدور أحداث الفيلم الهندي الشهير 3 idiots حول ثلاثة طلاب جامعيين يدرسون في كلية الهندسة الملكية، التي تعد واحدة من أفضل الجامعات في الهند، وبداخل الجامعة نتعرف على نظام التعليم البائد الذي يرتكز بالأساس على الحفظ وحشر المعلومات داخل أدمغة الطلاب دون محاولة تنميتهم ذاتيًا، ونتعرف هناك على البلهاء الثلاث.
رانشو الذي يعشق الهندسة ولديه شغف بالفك والتركيب، وراجو ابن العائلة الثرية الذي يطمح للحصول على وظيفة مثالية، وفرحان ابن الأسرة الفقيرة الذي دخل كلية الهندسة بسبب رغبة والده وحلمه الدائم برؤية ابنه مهندس يحترمه الجميع.
بطلنا هنا هو فرحان الذي كان يعشق تصوير البرية وشغوفًا به، ولكنه لم يستطع أن يدرس التصوير بسبب أهله، ولكن بعد سنوات من تخرجه يقرر فرحان أن يستمع لصوته الداخلي ويعمل بالتصوير ويترك الهندسة ليصبح بعدها واحدًا من أشهر مصوري البرية في بلده.
صدقًا عزيزي القارئ الفيلم رائع ويستحق المشاهدة حينها فقط ستدرك أن اتباع الشغف يحتاج إلى شجاعة هائلة، ولكن الأمر يستحق المغامرة وصوتك الداخلي يحتاج إلى فرصة للخروج إلى النور.
مسلسل ليه لأ.. ثورة المرأة من أجل أحلامها الخاصة
“اللي قادرة ع التحدِي وعَ المواجهة، واللي قادرة في خُوفهَا تعلن احتِجَاجها، تبقى دي هي الأَحـق إِنَّها تقول أَلف لَأ، لَو لـقِت أيَّامها مِش ماشيَة بمـزاجها” كلمات تتر مسلسل ليه لأ.
أثار مسلسل “ليه لأ” جدلاً واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، فمنذ عرض الحلقة الأولى انهالت عليه الانتقادات الشديدة بسبب فكرته القائمة على استقلال بطلة المسلسل عاليا، التي قامت بدروها النجمة أمينة خليل عن عائلتها من أجل استيفاء شرط إحدى المسابقات الهامة.
وعلى الرغم من كل المشاكل التي واجهت هذا العمل إلا أنه يظل محاولة جيدة وفكرة جرئية طُرحت في المجتمع لتؤكد على حق الفتاة في اختيار مسارها الخاص؛ فبطلة المسلسل بعد أن كانت شخصية اعتمادية تستند على ثروة أبيها وحماية والدتها أصبحت أكثر قوة بعد الاستقلال وتخصصت في التصوير وبدت في نهاية المسلسل وكأنها شخصية مختلفة تمامًا.
وعلى عكس الفيلم الهندي، واجه مسلسل “لية لأ” صعوبة في معالجة الفكرة؛ ففرحان على سبيل المثال تصرف بذكاء وكانت لديه جميع المعلومات الكافية عن حلمه قبل تحقيقه؛ واجه والده بكل شجاعة ووقف أمامه وأخبره بحبه للتصوير، وهنا تصرف فرحان وهو على أرضية صلبة وهو الأمر الذي يجب أن نأخذه دائمًا في الاعتبار حين نتبع شغفنا وصوتنا الداخلي، إذ يجب أن أن نكون على دراية بالطريق ولدينا خطتنا الأصلية وخططنا البدلية.
أما عاليا فلم تتصرف كذلك، هربت من البيت وبدأت تجربة لم تكن تعلم عنها شيئًا وهو أمر له جاذبيته ولكنه أيضًا محفوف بالمخاطر، ولذلك علينا أن نتعرف أكثر على أحلامنا حتى لا نتعثر في الطريق، ومع ذلك يظل مسلسل “ليه لأ” تجربة درامية جيدة تلقي الضوء والنور على مكان ظلم لم يطأه الكثيرون من قبل.
اسال عن هندسه حسبات
مشاكل مع ابى