article comment count is: 0

إنجازات صغيرة تعزز الثقة في النفس

أمينة هي طالبة في السنة الثالثة بالتعليم الجامعي وتدرس علم النفس، هادئة قلما تتكلم، أو تشارك في النقاشات، حاولت أكثر من مرة أن أدفعها للمشاركة من خلال عمل المجموعات لكنها كانت تقدم مساهمتها بشكل مختصر وخجول في كل مرة.

كانت أمينة تحضر مع زميلاتها دورة في مهارات العرض والتقديم كنت أقدمها لمجموعة من طالبات الجامعة، ولأنني أصر خلال دوراتي التدريبية على التدريب العملي من أجل تدريب المشاركين على المهارة عمليا وعدم الاكتفاء بالمعلومات النظرية طلبت من المجموعة أن تقوم كل واحدة منهن بتحضير عرض لمدة 15 دقيقة لتطبيق ما تم تعلمه حتى الان، لاحظت مباشرة الارتباك على ملامحها الهادئة عندما سمعتني اطلب ذلك ولكنني لم أعلق.

في اليوم المقرر لتقديم العروض بدأت المشاركات بتقديم ما قمن بتحضيره، وعندما جاء دور أمينة قالت لي بصوت خافت ونبرة مرتبكة بينما يعلوا الشحوب وجهها “انا اكيد سأفشل”.. صُدمت من كلماتها وكان ردي سريعا “أنا متأكد أنك ستجحين”، إلا أنها قالت “انا لست مستعدة اعتذر” وقلت “ألم يكن لديك الوقت الكافي لتحضير العرض “فردت بسرعة” بلى لقد حضرته فعلا.. لقد أمضيت ثلاث ساعات وان اعمل عليه ولكنني لا أستطيع ان أقف امام المجموعة وأقدم العرض انا ثقتي بنفسي ضعيفة واكيد سوف ابدأ بالارتجاف والتلعثم والتأتأة” هنا أدركت أن على أن اتدخل بطريقة أخرى فقلت لها “أريد منك وأنت جالسة مكانك أن تخبريني وتخبري المجموعة عن تحد واجهته في حياتك وتغلبت عليه بنجاح”.. فكرت قليلا ثم قالت بصوتها الخجول ” هنالك أكثر من تحد ” قلت “إذا احك لنا” فقالت:

“عندما وصلت إلى الصف السابع قرر أهلي أنهم سيخرجونني من المدرسة ويكتفوا بتعليمي إلى هذا الحد، إلا انني رفضت بشدة وصرت استيقظ كل يوم مبكرا وأذهب إلى المدرسة قبل أن يستيقظوا، وفي كل يوم عندما اعود كانوا يوبخونني إلى أن لجأت إلى خالي الذي ساندني وتكلم مع أهلي وأقنعهم ان أكمل حتى الثانوية العامة“.

تنهدت بشدة وقد امتلأت عيناها بالدموع وقالت “أكملت تعليمي المدرسي حتى أنهيت الثانوية العامة بمعدل عال وأردت أن ادخل الجامعة وعندها بدأ التحدي الثاني رفض أهلي ذلك بشدة وقالوا لي “كويس أنك كملت ثانوية عامة ” فما كان مني إلا أن قاومت بشدة واخذت مبلغا من المال كنت قد وفرته من مصروفي وذهبت إلى الجامعة وسجلت وعندما جاءني القبول ذهبت به إليهم ولجأت مرة أخرى إلى خالي الذي قام بالضغط عليهم مرة أخرى حتى وافقوا على تسجيلي في الجامعة.

نظرت أمينة إلي بحزن وقالت “هنا بدأت مشكلة أخرى فقد اخترت أن أدرس تخصص علم النفس الأمر الذي رفضه أهلي بشدة، فقد أرادوني أن أدرس تخصصا يصلح أن أعمل بعده معلمة مثل اللغات أو الرياضيات أو الكيمياء ولكني أصررت على موقفي وأنا الآن في السنة الثالثة من تخصص علم النفس”.

أقرأ ايضا: المحطات الرئيسية الأهم في اختيار مجال دراستك

نظرت إلى المجموعة وقلت لهن “ما رأيكن؟” وإذا بهن جميعا يبدأن بالتصفيق وعندما هدأ المكان قلت لها: ” كل هذه القوة وكل هذا التحدي وكل هذه الإنجازات وتقولين أنا ضعيفة ولا أثق بنفسي؟” “أنت انسانة قوية جدا

ولديك قدرة هائلة على التحدي وتحقيق الأهداف “هنالك الالاف من الفتيات حول العالم اللواتي حرمن من التعليم لأنهن لم يمتلكن القوة والثقة من أجل اتخاذ القرار فيما يتعلق بمستقبلهن”

هنا طلبت من المجموعة أن تقوم كل واحدة منهن بكتابة تحديات نجحت في التغلب عليها مهما كانت صغيرة حتى انني قلت لهن ابدأن من تعلمكن المشي أنه تحد كبير، ومن تعلم الكلام، أريد من كل واحدة منكن أن تكتب انتصاراتها في الحياة، أما أمينة فقلت لها ” أنا سعيد بوجود إنسانة قوية مثلك في هذه المجموعة وسأكون سعيدا أكثر عندما تقدمي عرضك في اللقاء القادم” فأومأت برأسها موافقة وقد علت وجهها ابتسامة الرضى وكأنها أعادت اكتشاف نفسها مرة أخرى، وبالفعل قامت في اللقاء التالي بتقديم العرض الأول في حياتها وقد كانت واثقة من نفسها وقد خلت من التوتر الا من القلق الطبيعي الذي يصاحب الوقوف امام الناس عادة.

في كثير من الأحيان تكون الصورة التي نرسمها لأنفسنا صورة خاطئة لا علاقة لها بالواقع، نحن نتصور في كثير من الأحيان أننا أقل قوة أو ذكاء أو وسامة مما نحن عليه، لذلك فإن الطريق الى تغيير هذه الصورة هو ان نرى ما نقوم به حقيقة على ارض الواقع من إنجازات ونجاحات، أن أولى خطوات تعزيز الثقة بالنفس هي تقدير نجاحاتنا السابقة حتى لو كانت صغيرة وبسيطة.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً