(دعاء) موظفة مجتهدة وتبذل أقصى ما في وسعها من أجل أن تكون مميّزة. فهي تتعلّم باستمرار وتنفذ المهام الموكلة لها، في الوقت المحدد وبدقة وجودة عاليتين، لكن (دعاء) تعاني من مشكلة كونها لا تبدي حزما في تواصلها مع زملائها او مُديرها في العمل، ولذلك تراهم دائما ما يقومون بتكليفها مهاما ليست ضمن عملها ولا نطاق مسؤوليّاتها. وتجد نفسها عاجزة عن الرفض ولا تستطيع أن تقول (لا).
على الرغم من أنّ (دعاء) موظّفة مُجتهدة، وتتمتّع بالكثير من المهارات؛ إلا أنّه تنقصها مهارةٌ مهمّة جدّا للتواصل داخل العمل، لا غِنى للموظّف الذكيّ عنها. وهي مهارة التواصل الحازم.
التواصل الحازم هو مهارةٌ يمكن تعلمها والأساس في ذلك هو إدراككم لقيمتكم وللقيمة التي تضيفونها إلى العمل، عندما تدركون هذه القاعدة؛ فإنّكم تضعون الأساس في هرم الثقة بالنفس الضروريّة للتواصل الحازم.
والعلاقة بين الثقة بالنفس وتقديرها وعدم بخسها حقّها، وبين التواصل الحازم علاقة تبادليّة، فالثقة بالنفس أساس التواصل الحازم، والتواصل الحازم بدوره يساعد على تعزيز الثقة بالنفس وتطويرها، الأمر الذي ينعكس على أداء وحياة الشخص الذي يتخلّق به.
كن حازما كن ذكيّا
لعلّك الآن، تتساءل عن صفات الأشخاص الحازمين، في الوقت الذي تأسى فيه على (دعاء) التي كانت ضحيّة حزم الآخرين، وعدم تقديرها لذاتها. بإمكاننا أن نرشدك إلى الصفات الرئيسة للأشخاص الحازمين، فهم:
• يُحاولون الوصول دائما الى اتفاقيات المكسب المشترك (Win-Win).
• أفضل في حلّ المشكلات، فهم يشعرون بالدافعيّة لعمل كلّ ما يمكن لإيجاد أفضل الحلول.
• أقلّ توتّرا. هم يشعرون بأنّهم أقوياء بشكل شخصي ولا يشعرون بالتهديد ولا يشعرون بأنّهم ضحايا إذا ما حدث شيء خاطئ أو لم تسر الأمور كما هو مخطط له.
• فعّالون، ويستطيعون إتمام المهام بنجاح لأنهم يؤمنون بقدراتهم.
عندما تتصرّفون بحزمٍ؛ فإنّكم تتصرّفون بعدلٍ أيضا، وبتعاطفٍ مع الآخرين، فالقوّة التي تتمتعون بها نابعةٌ من ذاتكم وليس من إذلالكم للناس وتنمّركم عليهم.
كيف تطور أسلوبا حازما
حقوقكم وأفكاركم ومشاعركم واحتياجاتكم ورغباتكم مهمّة تماما كمشاعر وحقوق وأفكار واحتياجات ورغبات الآخرين، وليست أكثر أهمية منهم أيضًا، هذه قاعدة ضعها دائما نصب عينك، عندما تتعامل مع الآخرين. ولا تتنازل عنها أبدا.
وبداية طريقك إلى تطوير أسلوب حازم:
• ميّز حقوقك وقم بحمايتها.
• آمن بأنّك تستحقّ المعاملة بكلّ باحترام وكرامة في كلّ الأوقات.
• توقّف عن الاعتذار عن كل شيء.
بعد ذلك، احرص على تلبيّة حقوقك واعمل على أن يتمّ تقديرك:
• لا تنتظر أن يَعترفَ لكم أحدٌ باحتياجاتك (ربما ستنتظر الى الابد).
• اعلم أنه لكي تعمل بكامل طاقاتك فإنّ احتياجاتك يجب أن تلبّى.
• جِدْ طُرُقا لتلبية احتياجاتك، دون أن تضحّي باحتياجات الآخرين.
• اعترف بأنّ كلّ إنسان هو مسؤولٌ عن تصرّفاته فقط (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى).
• أنتَ لا تتحمّل مسؤولية ردود أفعال الناس على حزمك (غضبهم مثلا) أنتَ تستطيع فقط التحكم في نفسك.
• طالما أنّك لا تنتهك حقوق إنسان آخر فلك الحريّة بأن تقول او تفعل ما تريد (أنت حرّ ما لم تضرّ)
ماذا عن أفكارك ومشاعرك السلبيّة؟
من تقنيات التواصل الحازم، أن تعبّر الأفكار والمشاعر السلبية بأسلوب إيجابي:
• اسمحْ لنفسك أن تغضب، ولكن كن دائما مؤدّبا، واحترم الاخرين (لا للإهانة).
• قل ما يدور في بالك؛ ولكن بطريقة تراعي مشاعر الشخص الآخر (لا للتجريح).
• تحكّم في عواطفك.
• دافعْ عن نفسك وقِف في وجه من يحاول سلبك حقوقك.
الكلمة الذهبية في التواصل الحازم: (لا)
من أهمّ تقنيات التواصل الحازم هي القدرة على قول (لا) عند الحاجة. فالذي يسعى لإرضاء الآخرين دائما بقول (نعم) لن يظلم إلا نفسه. وتعلّمُ قولَ (لا) عندما تحتاج ذلك، ذاك هو الأب الروحي للحزم.
• اعرفْ حدودك، ولا تسمح بأن يتمّ استغلالك.
• اعلمْ أنك لن تستطيعَ فعل كلّ شيء، وأنّك لن ترضي كلّ الناس.
• اقترحْ حلولا وبدائلَ للحصول على حلولٍ واتفاقيات المكسب المشترك.
تقنيات التواصل الحازم:
• استخدم جملا تبدأ بـ”أنا”، مثل: “أنا أشعر بقوّة، أننا نحتاج إدخال طرفٍ ثالثٍ لحلّ هذا النزاع”
• تواصلْ بطريقةِ الحزم المتعاطف: “أنا أتفهّم أنّك تعاني من مشكلة في العمل مع (سامح) ولكن هذا المشروع يجب أن يكتمل يوم الخميس، لنجلس معا ونضع خطة لكيفية إنجاز ذلك”
• الحزم المتصاعد: تحتاج هذا النوع من الحزم عندما تفشل محاولاتك الأولى في الحصول على ما تريد:
“(سمير) هذه المرّة الثالثة هذا الأسبوع التي أتحدّث فيها معك حول وصولك متأخرا، إذا جئتّ متأخّرا مرة أخرى هذا الشهر؛ سأقوم بتفعيل الجزاء الإداري بحقك”
• لا تتردّد في طلب مزيدٍ من الوقت إن احتجتَ إلى ذلك: لا تتعجّل بإعطاء رأي أو حكم. إن شعرتَ أنّك لا تستطيع الإجابة فورا أو أنّ مشاعرك غير واضحة، أو تنقصك معلومات، فاطلب من الشخص الذي أمامك وقتا للتفكير.
“(عامر) طلبك فاجأني كثيرا. سأعود إليك خلال نصف ساعة “