موظفة حامل
article comment count is: 0

لا تكوني أمًا مثالية

كل يوم أستيقظ وأقول لنفسي إما بوعي أو لا شعوريًا، اليوم سأكون أمًا عظيمة، وسأفعل كل شيء بشكل صحيح وسأجعل أبنائي سعداء، ما أن يمر بعض الوقت حتى أبدأ في ارتكاب الأخطاء واحداً تلو الآخر، وفي نهاية اليوم أخلد للفراش وأحلم بأن أكون أمًا مثالية في اليوم التالي.

مرت حتى الآن الكثير من السنوات ولم أستطع أن أكون الأم المثالية التي أريدها لأبنائي وفي نهاية المطاف توصلت إلى نتيجة مفادها أن هناك مفهومين لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يجتمعا معاً؛ الأمومة والمثالية ولهذا فلا تكوني أماً مثالية.. ودعيني أخبركِ لماذا؟

مفهوم الأم المثالية

ماذا يعني مفهوم الأم المثالية في المخيلة المجتمعية؛ إنها تلك الأم التي لا تتوقف أبدًا عن الدوارن بين الأعمال المنزلية التي لا تنتهي وواجبات أطفالها، هناك أيضاً الاهتمام بصحة هؤلاء الأطفال وأنشطتهم التعليمية إذ يجب أن يمارسوا على الأقل رياضة هامة وهواية فنية، هذا بخلاف اللغات التي سيحتاجها هؤلاء الأطفال في المستقبل، ولكن دعونا لا ننسى أيضاً أن تلك الأم قد تكون عاملة، لهذا فهي من المفترض أن تقوم بكل الأعمال السالف ذكرها بجانب إنجاز عملها الخاص.

ماذا سيحدث حين تحاول الأم القيام بكل ذلك؛ ستشعر بالطبع أن الأمور خرجت تمامًا عن سيطرتها وهو الأمر الذي سيقودها للجنون؛ أنا حاولت من قبل كنت استنزف نفسي ثم أبكي وأصرخ في أطفالي.

كل محاولاتي للوصول إلى المثالية جعلت مني أم سيئة، لأنه في الوقت الذي كنت أعد فيه نفسي للكمال أعددت نفسي مسبقًا للفشل.

أطفالك لا يحتاجون إلى أم مثالية

منذ عدة سنوات وأنا اقرأ بانتظام كتب تربية الأطفال والمقالات التي تعج بها المواقع الإلكترونية ولكن في الآونة الأخيرة تعلمت درساً جديدًا؛ هناك أمرًا واحدًا يجعلك أم أفضل؛ إنها التجربة وأقصد هنا حقك التام في الصواب والخطأ.

المثالية لا تسمح لك بالخطأ لا تجعلك تتهاوني في حق أهدافك ولا في حق أطفالك وبمرور الوقت ستنتقل إليهم مشاعرك المضطربة وسيخافون مثلك من ارتكاب الأخطاء وهنا تأتي الطامة الكبرى؛ إنهم أطفال وهذا يعني أنهم لا يجب أن يخافوا أبدًا من الخطأ.

لا تفقدي أعصابك حين يرسم أحدهم على حائط الغرفة أو يوسخ ملابسه حين تأكلون بالخارج، لا تصرخي فيه حين يقفز في بركة المياه الصغيرة في الشارع وتأكدي بأن هذا ليس خطأك أو خطأهم ولكنها الطريقة التي ينمو بها جميع الأطفال في العالم.

صدقيني أطفالك بحاجة إلى أم متفهمة وليس أم مثالية، ولذلك بدلاً من التركيز على بعض الأشياء غير المهمة التي يرتكبها أطفالك بشكل خاطئ، امدحيهم على ما فعلوه، وامنحيهم هذه اللحظات التي لا تُنسى من السعادة.

الاستمتاع بالتفاصيل الصغيرة

مع بداية كل يوم أضع لنفسي قائمة بالمهام التي يجب إنجازها؛ هناك ترتيب البيت وإعداد طعام الفطور ثم الانهماك قليلًا في أنشطة أولادي بعدها التركيز على عملي قبل أن أعود للمطبخ مرة أخرى من أجل الغذاء، ومع ذلك، كان هناك شيء واحد كان مخيفًا بشكل خاص حول قائمة مهامي التي يجب إنجازها: حيث جعلتني أواجه حقيقة أنني لا أستطيع أن أسمح لنفسي أن أكون سعيدة، ولم أستطع السماح لنفسي بالتوقف والاستمتاع بالحياة الآن.

بمعنى آخر، لم يكن هناك مكان للعفوية في يومي، كنت أجري طوال اليوم وألهث حتى أنجز مهامي ورغم أني أراقب أولادي طول الوقت، إلا أني كنت أغفل تفاصيلهم الصغيرة وضحكاتهم المدوية لأني وقتها كنت أنجز مهمة لا يمكن تأجيلها.

الكاتب البرازيلي في روايته “ساحر الصحراء” قال إن الكنز في الرحلة، كان يقصد وقتها بالطبع رحلة الحياة، ولكني أرى أن الأمومة أيضًا رحلة طويلة سنظل نواجه فيها العثرات والتحديات بشكل يومي، وليس مطلوب منا كأمهات أن ننجح في اجتياز جميع التحديات، لا بأس أن يكون البيت فوضويًا لبعض الوقت، ولن ينهار العالم فوق رؤوسنا إذا لم ينجز طفلك واجب الرياضيات.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً