لو كانت فكرة “على قد فلوسكم” رجلا، قد يتفق كل أهل الأرض على قتله وتحويل الحياة إلى مكان أفضل. أظن أنها آفة كل الأعمال التي لا تبدأ عند “توضيب شقة” ولا تنتهي عند “وكالة ناسا” هي تلك الفكرة اللعينة، إياك أن تظن ولو للحظة أن هناك مبرر للعمل “بدون نفس” أو بقلة ضمير، حتى وإن كان المقابل المادي ضعيف، ذلك غير مبرر على الإطلاق بل على العكس المقابل المادي الضعيف مبرر أقوى للعمل بجد.
اللي أوله شرط
قبل أن تتولى أي عمل، تسأل وتتعرف على طبيعة عملك ومهامك، وبالمثل يتعرف صاحب العمل على قدراتك ومهاراتك، وعليه تنتقلا سويًا للخطوة التالية وهي المقابل المادي، يعرض صاحب العمل وتوافق أو ترفض، أسباب موافقتك ورفضك لا تخص أحد، بمجرد إتمام الاتفاق، هذا يعني أنك ستعطي كل مجهودك لذلك العمل، تتقنه حتى يخرج على أكمل وجه، وهو ما يعني أن “ماحدش ضحك عليك” وأن “فلوسهم” كانت معروفة لك من البداية.
اكتساب الخبرة
ربما تبدأ عملا ما ويخدعك صاحب العمل ويهون من صعوبة مهامك، ثم تكتشف بعد ذلك أن الأجر أقل بكثير من المجهود المطلوب، عندها ينفتح أمامك عدة خيارات، إما الاستمرار والبحث عن عمل آخر بالتوازي، واعتبار الأمر درس مستفاد للمرات القادمة، أو حتى قبول الأمر لمدة زمنية معينة بحثًا عن اكتساب خبرة جديدة.
فرصة سعيدة
أنت لا تحصل على مقابل حقيقي يقدر مجهودك وتعبك، وطبقا للخطوة السابقة أن تبحث عن عمل آخر أو قررت الاستمرار لمدة ما حتى تكتبها في سيرتك الذاتية، في تلك الأثناء يجب عليك العمل بمجهود مضاعف، ما كان يجب أن تكتسبه من خبرات في عام مثلًا، مطلوب منك اكتسابه في شهور، نظرا لأنك تبحث عن عمل وتتوقع الرحيل قريبا، لذلك مطلوب منك العمل بشكل مكثف حتى لا يصبح الأمر “موت وخراب ديار” وفي النهاية أنت تبني خبرتك الشخصية، وهي أكثر شيء يجب أن تحرص عليه طوال مسارك المهني.
شبكة العلاقات العنكبوتية
لو قضيت في عملك عامًا أو أكثر، من الأشياء التي ستتاح لك تكوين علاقات وروابط شخصية مع زملاء العمل، بداية من رجل الأمن وحتى أكبر مدير في عملك، لكن نظرًا لأنك قررت الرحيل سريعا، يجب عليك مضاعفة مجهودك في التعرف على كل هؤلاء في فترة قصيرة، لأن زملاء العمل هم وقودك الحقيقي في رحلتك المهنية، وذلك بالتأكيد لن يتحقق بترك العمل والتسامر معهم، يتحقق بالاحتكاك بهم عن طريق العمل، فكما تريد أن تضيف لشبكتك أفراد جديدة، هم أيضا يريدون نفس الشيء، وذلك لن يحدث إن لم تظهر مهارات جيدة وقدرة على العمل في أي ظروف.
السمعة الطيبة
إذا كانت شبكتك مكتملة ولا تريد المزيد، يجب أن تحذر، سوق العمل -أي عمل- صغير، مهما بدا لك هذا السوق كبير ومترامي الأطراف، في النهاية ستقابل من عملت معهم سابقا في أماكن جديدة ولأنها “أوضة وصالة” يجب عليك أن تترك أثر طيب في كل مكان تعمل به، أنت لا تعلم من هو مديرك القادم، وربما تدور الأيام ويكون مدير الغد هو زميل اليوم الذي رآك تعمل بدون إهتمام وسمعك تقول “على قد فلوسكم”.
في النهاية يجب أن يفهم الإنسان أن “كلنا شغالين عند بعض” وبعضنا مهمته أخطر، تخيل لو فكر الطبيب الجراح بنفس الطريقة، تخيلها مع عامل إصلاح الإطارات، أو العامل المسئول عن تغيير لمبات أعمدة الإضاءة في الشارع، لو هذا الشخص قرر عدم الاهتمام باللمسات النهائية في عمله وكانت النتيجة “سلك عريان” يقضي على حياة طفل يلعب، فكر في كل أطراف المنظومة وهم يعملون “بضهر إيدهم” والسبب الحاضر هو عدم الاقتناع بالمقابل المادي و”على قد فلوسهم”.
عايزه اقولكم انتم موقع رائع بجد وكل شخص فيكم مفيد شكرا ليكم ومبسوطه انى عرفتكم
شكرا آية.. سعداء برأيك وان شاء الله بالتوفيق دائما