الاستماع الجيد والسيطرة على الانفعالات من أهم مهارات الذكاء العاطفي
الاستماع الجيد والسيطرة على الانفعالات من أهم مهارات الذكاء العاطفي
article comment count is: 0

الذكاء العاطفي.. من يوميات صحفي

أكتب اليوم بشيء من الذاتية، اعذرني إن سيطر الصحفي على معظم الحديث، إنها مهنة شاركتني ثُلُثا عمري، وشكلت شخصيتي وخبراتي، لعب فيها وجود وغياب الذكاء العاطفي دورًا مهمًا، والذي شاركني في عملي الصحفي والتلفزيوني والتدريبي، رئيسًا ومرؤوسًا، كما أفادني ابنًا وأخًا وأبًا وصديقًا، لعل السطور التالية تضئ مسارك الحياتي والمهني.

كثرة الكلام

في صغرنا نتبع قاعدة أنا أتكلم إذن أنا موجود، لا نوفر حتى ثوانٍ معدودة للسمع، التسرع سمة تغلب تصرفاتنا، كثيرًا ما نقع في مشكلات بسبب عدم الإنصات، كثيرًا ما أردت أن أوضح  لمديري كم أنا سريع البديهة، وعندما أنجز عملي أكتشف أنه ليس على النحو المطلوب، فقط لأني لم أسمع.

تفاخر غير مبرر

لدينا وجهة نظر متضخمة تجاه ذواتنا، في ظل نقص الخبرة، ومع بعض الإنجازات الصغيرة التي نحققها، ننجر إلى موجة من التفاخر غير المبرر أحيانًا، ننسى الفوارق بيننا وبين أهل الخبرة، حينها سيحاول مديرك السيطرة على غرورك، وزملاءك سينفضون من حولك، حافظ على علاقة ندية قائمة على الاحترام المتبادل دون تفاخر.

غضب خارج السيطرة

عندما تحدثت أكثر مما سمعت، وتفاخرت بسبب ودون سبب، ومع محاولات السيطرة على غروري، كان من الطبيعي أن ينشأ بداخلي غضب، سيخبرك ضمير الأنا بأنها مؤامرة ضد طموحك، وخوف من مهاراتك وإمكاناتك، لكن صدقني إنه شعور زائف، سيكبر عدم الرضا بداخلك سيأكلك وكل من حولك، يصبح الأمر خارج السيطرة.

القلب يحكم

عملي الصحفي يجلعني أتعامل مع مختلف الأعمار والشرائح، الاجتماعية والثقافية والتعليمية والاقتصادية، مختلف الجنسيات والأديان، وذوي الإعاقة. كنت أتعاطف مع أبطال قصصي الصحفية، أخلط الإنساني بالصحفي، تنهمر دموعي أثناء حديثهم عن مأساتهم، ينعكس ذلك على ما أكتب، قد أقف ضد مديري إذا أراد تذكيري بالمعايير المهنية، قلبي بوصلتي والعقل يتنحى.

العاطفة تدير

مع الوقت والخبرة، أصبحت المعايير تتحكم في سلوكياتي، إذا جلست أمام أحد ضحايا الألغام، سأستفسر منه على طبيعة إصابته، لن أعده بشئ كما سبق، سأركز على كونه بحاجة إلى رعاية صحية واجتماعية. لكن عندما توليت منصبًا إداريًا، ورأست مجموعات عمل، اهتممت برضا الجميع، أدرت بالعاطفة، كدت أخسر نفسي وكل شئ.

العداء للجميع

تراكمت الصراعات حولي، كنت نموذجًا للمدير الفاشل، يضيع الجزء الأكبر من مجهودي في القيام بعمل الآخرين، والجزء المتبقي في احتواء النيران.

كنت أدركت متأخرًا طبيعة كل فرد حولي، وشخصيته، وخلفياته، كما أدركت أن الذكاء خانني في تقدير حجم المحيطين بي، صارت حالة عداء جماعية، لكنني استطعت الانتصار بفضل الذكاء العاطفي.

هكذا تصالحنا

كان من الضروري أنا أتصالح مع ذاتي أولًا، وأدرك أوجه الخلاف، وأتفهم طبيعة ما حدث، وأعلم أخطائي جيدًا، وأسأل نفسي ماذا سأفعل عندما أتولى قيادة مجموعة عمل مرة أخرى؟ وضعت نفسي مكان الآخرين، وتفهمت طريقتهم في التفكير، كان من الطبيعي أن يحدث كل ذلك، كنت مدينًا بالاعتذار والتوضيح للكثير وبشجاعة.

إدارة المصالح

في المهام التالية لم أشعر بمشكلة، أصبحت استراتيجيتي واضحة، هناك مصالح مشتركة وأساسية، تتعلق بسير العمل، هناك أدوار واضحة نحتاج التأكيد عليها، جميعنا ندرك أدوارنا، وندرك أن الصراع لن يفيد أحد، نبحث عن نقاط مشتركة، التوضيح والمواجهة آلية مهمة، علاقة تقوم على الاحترام المتبادل والندية، والفيصل دائمًا الأداء ومعدلات الإنجاز.

تذاكي أم ذكاء؟

أسوأ ما قد يقوم به شخص هو “التذاكي”، وهو تعبير أطلقه على مدعي الذكاء، أن تدرك أنك لن تستطيع الاستمرار وحيدًا، وكذلك الآخرين، ابحث دائمًا عن نقطة تميز، لا توجد بها مساحات للاحتكاك السلبي بالآخرين، أنت في مسارك وهم في مساراتهم، هذا ذكاء، أما تتبع الآخرين ومحاولة تخطيهم ذلك التذاكي.

معادلات صفرية

مع الوقت تدرك أنك لن تخاطب أهل المقابر باللغة الإنجليزية، ولن ترتدي ملابس من أفخم “البراندات” وأنت تجري مقابلة في جبل بسيناء، لن تقابل شخصية عسكرية وتتأخر على موعدك، لن تتباهى أمام مديرك بتمكنك من التكنولوجيا فيما هو غارق في الماضي، إنها بديهيات ضع نفسك مكان الآخر ستدرك ما تفعل.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً