ما هو الأهم.. الشغف أم الوظيفة المستقرة؟ الأمان المادي أم الاستقرار النفسي؟ تساؤلات تدور في ذهن معظم الموظفين، خاصة في بداية مسارهم المهني وكلها تتقاطع مع مفهوم الأمان الوظيفي أو المهني، لهذا قررنا أن نتحدث مع إسماعيل المنياوي ليشرح لنا المزيد حول هذا المفهوم وكيفية تحقيقه سواء كنا موظفين أو رواد أعمال سنبدأ مشروعات جديدة.
المنياوي هو استشاري الموارد البشرية والتخطيط الاستراتيجي المتخصص في تأسيس الشركات الجديدة وإعادة هيكلة الشركات، وعمل في مجال الموارد البشرية لأكثر من 15 عامًا، ويعمل حاليًا كاستشاري للموارد البشرية في عدد من الشركات.
مرحبًا إسماعيل، بماذا تنصح من هو حائر بين وظيفة تحقق شغف الشخص، ووظيفة توفر له الأمان الوظيفي؟
أرى أن يختار الشخص شغفه في مجالات البيزنس الموجودة في سوق العمل، وبذلك سيحقق نجاحًا كبيرًا لأنه يعمل في مجال يُحبه، وهذا النجاح سيوفر له الكثير من الفرص ليس من ضمنها الأمان الوظيفي وحسب بل ستنهال عليك طلبات الشركات للعمل معها.
وفي رأيي أن هذه الطريقة في العمل ستضمن لك مستقبل جيد للغاية لأنك تعمل في مجال تُحبه، وبالتالي ستكون أكثر إبداعًا.
هل على الموظف القيام ببعض الإجراءات ليحسن من درجة أمانه الوظيفي؟
بالتأكيد، على الموظف الكثير لفعله ليزيد من فرصة أمانه الوظيفي، فلا يمكنه أن يرتكز فقط على فكرة أن هذه الشركة تُقدم أمان وظيفي وهذه الشركة لا تُقدم ويبحث عما يناسبه وحسب، فأينما كان العمل بالتأكيد تبحث الشركات عمن يفيدها ويطور منها، فمهما اختلف تخصص الشركات تظل كلها في النهاية مشاريع خاصة تهدف إلى الربح، ولهذا ستتمسك الشركة بالموظفين المفيدين لها وهؤلاء الذين يتقدم أدائهم كل فترة.
وعلي كموظف أن أضع نفسي مكان الشركة وأفكر بطريقتها، وهو ألا أبحث عن أماني الوظيفي وأنا لا أتطور أو أفكر في تنمية نفسي كموظف.
الشركة بالتأكيد لن تضطر إلى الاحتفاظ بموظف غير مفيد لها أو تعطيه فوائد بلا مقابل، والعكس كذلك؛ فكلما شعرت الشركة أن هذا الموظف مُفيد لها وتقييماته عالية ستُصر على الاحتفاظ به وتأمينه وظيفيًا حتى وإن لم تكن تقدم أمان وظيفي للموظفين الآخرين، لأنها تريد أن تضمن بقائه معها.
من المهم أن أُشير هنا إلى أن طريقة التوظيف نفسها تغيرت الآن، فالشركات الكبيرة أصبحت تعتمد على استقطاب أفضل المواهب الموجودة في سوق العمل، لهذا كلما تعلم الموظف ورفع مستواه الوظيفي، لن تحافظ عليه شركته وتوفرله الأمان الوظيفي وحسب بل ستبحث عنه الشركات الكبيرة ليعمل لديها وبالتالي سيحصل على ما هو أكثر من الأمان الوظيفي.
هل يختلف أداء الموظف الذي يشعر بالأمان الوظيفي عن الذي لا يشعر به؟
بالتأكيد، سر إنتاجية أي موظف هو الأمان الوظيفي، نسبة كبيرة من تفكير وطاقة الموظف الذي لا يشعر بالأمان الوظيفي ستكون مُهدرة في قلقه وخوفه على مستقبله ومحاولته البحث على وظيفة جديدة ومحاولة في تأمين حياته، وإن وفرنا له الأمان الوظيفي سنوفر كل هذا القلق الضائع للوظيفة نفسها.
بمعنى إن كانت الإدارة بحاجة إلى 4 موظفين ولديها ثلاثة موظفين فقط، إن استطاعت الشركة تأمين هؤلاء الموظفين الثلاثة وظيفيًا، فبإنتاجيتهم العالية لن تحتاج إلى موظف رابع وستوفر على نفسها تعيين موظف جديد، وبالتأكيد هذا موقف إيجابي للطرفين.
لماذا لا تُعطي الشركة الموظف ما يُشعره بالأمان الوظيفي؟
الشركات الكبيرة التي لديها اسم قوي لا تعاني من هذه المشكلة، على العكس تمامًا فهذه المشكلة تظهر في الشركات المتوسطة والصغيرة، إذ يتم حسبان الأمر من الناحية المادية بشكل رئيسي، فتوفير تأمين طبي واجتماعي، على الأقل، لكل موظف سيكلفهم كثيرًا. فصاحب الشركة يُفكر بشكل عملي ويرغب في أن يوفر ماله، في المرحلة الأولى من الشركة على الأقل، وهذا التفكير غير صحيح، وربما يرجع ذلك لعدم فهم رجال الأعمال أفضل الطرق لإدارة الشركات.
هل يرتبط الأمان الوظيفي بنوع معين من العمل؟
صعب أن يشعر من يعمل بشكل حر Freelancing بالأمان الوظيفي، لأنه كما المسمى “حر” وليس هناك ضمانات لأي شيء مثل الخصول على راتب في موعد محدد أو وجود تأمين طبي أو تأمين اجتماعي أو أي فائدة من فوائد الانتماء لمؤسسة، ولهذا فعليًا الأمان الوظيفي يقتصر على فئات معينة لا يدخل ضمنها موظفي العمل الحر.
ما هي النتائج المترتبة على وجود الأمان الوظيفي وعدمه؟
يؤدي وجود الأمان الوظيفي إلى الكثير من الأشياء الإيجابية أبرزها أنه يُعزز إنتاجية الموظف ويقلل من إحساسه بالخوف والقلق، وهذا يجعله متفرغ للتفكير في عمله.
الأمان الوظيفي سيجعله يركز على عمله بدلًا من أن يُفكر في شيء آخر، إذ أن ما لا يقل من نسبة 30% أو 40% من تفكير كل موظف لا يشعر بالأمان الوظيفي تضيع في الخوف والقلق، وهذا بالتأكيد سيقلل من كفائته، فكلما حققنا الأمان الوظيفي كلما أضفنا للشركة طاقات مهدرة، بما قد يمثل إضافة موظف جديد في كل إدارة بدون أن نعين فعليًا أحد، وهذا حتمًا سيوفر على الشركة.
كما يترتب على عدم وجود الأمان الوظيفي الكثير من النتائج الكارثية، بدايًة إذا لم يشعرالموظف بالأمان الوظيفي في الشركة التي يعمل بها، سيعتبر أن فترة عمله هي فترة مؤقتة حتى يجد فرصة أفضل، وحينها سيترك الشركة بسرعة وهو غير آسف عليها، وهذا سينعكس على أداء الشركة التي ستضعف تدريجيًا مع تكرار ترك الموظفين لها.
هل هناك نصائح للشركات وللموظفين حول كيفية الشعور بالأمان الوظيفي؟
إن لم يحصل موظفك على الأمان الوظيفي لن يعمل معك بكامل طاقته، وسيهمل في عملك سواء كان متعمدًا أم لا، كما لن تحصل من الموظف على كل طاقته، إذ ان الكثير من طاقته ستكون مُهدرة في القلق والتوتر والخوف من المستقبل. لهذا كلما أمنت موظفك كلما تمسك بعمله أكثر وحقق أداء أفضل للشركة.
وبالنسبة للموظف طالما تعاقدت مع شركة، وارتضيت العمل ضمن شروطها، عليك أن تعمل بأفضل ما عندك وكل طاقتك حتى وإن كانت الشركة لا تستحق، لأنك تقوم بعمل تسويق شخصي لذاتك وهذا ما سيفرق في سمعتك المهنية فيما بعد.