مرحبًا عزيزي القاريء، أعرف أن العنوان قد يكون مستفز، وطرح موضوع كهذا في الوقت الحالي هو شكل من أشكال الرفاهية الزائدة لك كرجل، وربما كأنثى، ولكني أكتب لأني أعرف أن طريقنا-كنساء- طويل وأن حقوقنا الحالية أو المستقبلية لن تُقدم لنا على طبق من ذهب، لهذا أحاول لفت الأنظار إلى متطلبات الحياة المهنية العادلة لنا كنساء، بغض النظر عن عدم تحققها الآن.
أكتب وأعرف أن حاضرنا لا يشمل أبدًا اقتراحات لأي من هذه القوانين لأن قوانين حقوق النساء الموجودة بالفعل غير مطبقة في أماكن عدة، ولا زالت المرأة تعاني من التمييز بأشكال مختلفة؛ إذ تحسب كل مؤسسة مصلحتها قبل أي شيء آخر، ولكن لنلقي نظرة على المسألة من منظور مختلف ونطرح الأمر للنقاش.
أين تقف المرأة العاملة الآن؟
من المهم قبل التفكير في أي حقوق إضافية حاليًا أن نسأل عن وضع المرأة في الوقت الحالي وموقفها من الحقوق والقانون.
منذ ثلاثة أو أربعة عقود كانت مناقشة فكرة نزول المرأة إلى العمل مثار جدل بين الجميع، وتم مناقشة ذلك مرارًا وتكرارًا، باعتبار أن الوظيفة الأساسية للمرأة هي الإنجاب ورعاية الأطفال لا أكثر، ولكن من ينظر بعقليه المجتمع حينها وينظر لواقعنا الحالي، سيرى كيف يتغير كل شيء مع الزمن، خاصًة إن كان حق من حقوق الإنسان لا مفر منه، مهما كانت الانتقادات الواقعة عليه.
ماذا يعرف الرجال عن الدورة الشهرية
في عام 2019 قامت إحدى الشركات بإعطاء إجازة للدورة الشهرية وكان الأمر مثيرًا للجدل في مصر حينها، وسخر الإعلامي عمرو أديب من ذلك معتبرًا أن ذلك ضد المساواة التي تطالب بها النساء.
عمرو وغيره ممن يتبنون نفس وجهة النظر أنه بالرغم من عمل الرجل والمرأة في نفس الأعمال إلا أنهن لا يحظين بنفس الحقوق أو حتى نفس التقدير، وقوانين العمل الحالية غير مُنصفة للمرأة بينما أغلبها كذلك للرجل.
ولهذا أعرف أن فكرة المساواة التي نسعى إليها لا تزال بعيدة جدًا عن واقعنا، ولذلك أعترف أنه لا وقت لإجازات للدورة الشهرية الآن، ولكن هذا لا يعني أننا لا نحتاجها أو نستحقها.
ماذا عن وجهة النظر التي كانت ترى أن المرأة لا تستطيع أن تعمل بسبب حملها وولادتها، وأثبتت المرأة عكس ذلك وفي شتى الميادين!.
إن شعرت السيدات العاملات بتقدير أكثر وأن هناك من يحترم إنسانيتها ويتفهم طبيعتها البيولوجية المختلفة قبل كل شيء سيكون المردود عظيم على المكان الذي تعمل فيه.
المرأة في في أغلب الحالات تكون أم وزوجة ومدرسة لأطفالها ودون دعم من أحد تكون صحتها العامة والنفسية أحد الأمور المهمة التي يجب أن تؤخذ على محمل الجد، ولكن لأننا أعتدنا على النسخة المعلبة والمرأة الخارقة التي بإمكانها فعل كل شيء في آن واحد، نعتقد دومًا أن النساء جميعهن يمكن أن يفعلن ذلك، فقط كواجب وواقع دون أن يرحمها فيه أحد.
تُصاب النساء كل شهر باضطراب ما قبل الدورة الاكتئابي ويستمر إلى أول يوم دورة وكل هذه الأمور يتخللها اضطرابات في النوم وأوجاع في البطن والظهر، بجانب الإرهاق والانفعال والغضب، هل هذه حالة طبيعية مناسبة للعمل؟
يلفت نظري الرجال الذين يتحدثون عن رفاهية الأمر وهم لم يمروا بألم ساعة واحدة من هذه الآلام ولكنهم قادرين دومًا على أن يبتوا في أمور لا يشعرون بها فقط لأننا نساء، لرؤيتهم أنهم الأعلى والأكثر قدرة منا على تقديرنا وإعطائنا ما نستحق.
أقولها من مطلق أني أنثى تنزف كل شهر، ولا تغادر الفراش ليومين، أنا قادرة على فعل ذلك لأني أعمل بشكل حر، ولكن غيري كثيرات، وإن كن يواجهن ذلك فيقاومن بشتى الطرق، التي تستهلك من طاقتهن، بعضنا يلتزمن بالتواجد في حمامات العمل والبعض الآخر لا تفلح معه المسكنات، وآخريات يبكين في مقر العمل، عوضًا عن تغير الهرمونات ولهذا تكون الإنتاجية الناتجة من عمل هذا اليوم، قائمة على استهلاك صحة امرأة لا تستطيع أن تشكو.
المشكلة أكبر من مجرد قانون
قد يكون الأمر محرجًا، بسبب اعتبار الدورة الشهرية “تابوه” وهذا حقيقي، ولكن تدريجيًا أتوقع أن يُزال هذا التفكير، ويتم التعامل مع طبيعة أجسادنا على أنها شيئا عاديا وليست عيبا، فلم نختر أن نكون كذلك، وإن استمر “التابوه” يمكننا التحايل على الأمر لا مشكلة في ذلك.
وفي هذا الإطار، يمكن أن يتاح للنساء خلال تلك الفترة العمل من المنزل، أو تقليل عدد ساعات العمل، وربما إجازة ليوم واحد فقط.
المشكلة في رأيي ليست في الإجازة نفسها، أو في أشكال الراحة التي تطلبها النساء في هذه الفترة؛ بل في الطريقة التي ينظر بها المجتمع وأصحاب العمل إلى النساء باعتبارهن مبالغات، وما يطالبن به رفاهية زائدة.