article comment count is: 0

هل يحق للشركات التدخل في محتوى السوشيال ميديا لموظفيها؟

حَكَتْ لي صديقتي، التي تعمل بإحدى المؤسسات المهتمة بالمرأة، أنها كانت في طريقها للعمل وكان الشوارع مزدحمة للغاية، وبعد ساعتين قضتهم في المواصلات العامة، ووسط غضبها من الزحام والشوارع المغلقة وعوادم السيارات، أخرجت هاتفها المحمول وكتبت المنشور التالي “أديني صاحية أهو بدري وفي الآخر هاوصل متأخرة، لا وكمان بشرتي هاتبوظ من كل التلوث ده؛ على الله قاسم أمين يكون مرتاح دلوقتي في تربته”.

لم يمر على منشورها دقائق حتى اتصلت بها مديرتها في العمل لتخبرها أن تمسح حالاً ما كتبته.

ورغم أن صديقتي كانت تمزح، إلا أن المديرة رأت في منشورها إهانة لقيم المؤسسة التي تعمل بها.

الحقيقة أن موقف المديرة جعلني أفكر؛ هل يحق للمؤسسة أن تتدخل فيما ننشره على وسائل التواصل الاجتماعي؟ وهنا قررت التواصل مع مجموعة من مسئولي الموارد البشرية لنتعرف على وجهة نظر أصحاب العمل.

التدخل في كل ما يكتبه الموظف

جمعينا نشعر في بعض الأوقات بالاستياء والضيق؛ ربما بسبب طاحونة الحياة التي تستهلكنا، وأحيانًا بسبب ضغوط العمل وبعض المشكلات، ولهذا فعادة ما نلجأ إلى مواقع التوصل الاجتماعي إذ نراها متنفسًا نعبر فيه عن بعض ما يدور بداخلنا حتى لو أخذ هذا التعبير شكل السخرية.

بعض المؤسسات لديها رأي آخر، يخبرني أحد مسئولي الموارد البشرية، رفض الكشف عن هويته، أن المؤسسة التي يعمل بها لا تسمح أبدًا بالمنشورات الساخرة، كما أنه يتدخل في كل محتوى السوشيال ميديا للموظفين، وأحيانًا قد يصل الأمر لطلب كلمة مرور وسائل التواصل الاجتماعي لكل الموظفين.

“دينا علي” وهي أحد مسئولي الموارد البشرية بشركة مصر للطيران لديها رأي مشابه؛ وهي ترى أن للشركة هيبة، وبالتالي على جميع الموظفين احترامها.

ومن وجهة نظر “دينا” أنه وكما تفرض الشركة على موظفيها زيًا موحدًا، يحق لها أن تضبط تصرفاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي وذلك حتى تظل صورتهم دومًا براقة مثل الشركة التي يعملون بها.

أما مريم خالد، وهي مسئولة الموارد البشرية بإحدى المدارس الخاصة، فتخبرني أن المدرسة تتدخل أيضًا في محتوى شبكات التواصل الخاص بالمدرسين والمدرسات لأنهم يمثلون صورة وسمعة المدرسة وانضباطها.

هل للشركات حق في التدخل فيما يكتبه الموظف على السوشيال ميديا؟

View Results

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

وتضيف مريم “في إحدى المرات شاركت معلمة صورة لها على موقع إنستجرام، وهي الصورة التي رآها بعض أولياء الأمور غير مناسبة لمعلمة فاضلة تربي الأجيال، ولهذا تواصلوا معنا ثم طلبنا من المُدرسة أن تسمح تلك الصورة”.

وتؤكد مريم أن المدرسة أضحت بعد تلك الواقعة أكثر صرامة فيما يخص مواقع التواصل الاجتماعي، حتى لا يتكرر هذا الموقف مجددًا، إذ لم يعد يقتصر الأمر على المنشورات ولكن الصور أيضًا.

مؤسسات تتدخل بشكل جزئي

بعيدًا عن هيبة المؤسسات، هناك بعض الشركات التي لا ترى غضاضة فيما ينشره الموظف ولكنها تتدخل بشكل جزئي.

“رشاد عثمان”، وهو أحد مسئولي الموارد البشرية بشركة تسويق، يقول أن شركته لا تتدخل بشكل فج، ولكنها لا تسمح باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي أثناء العمل لأن ذلك سيؤثر على الإنتاجية.

ويضيف رشاد “قد تطلب الشركة في بعض الأحيان من الموظفين أن يقوموا بالدعاية على صفحاتهم للشركة، وغير مسموح نشر أي محتوى يسخر من العمل أو يشكو من ضغطه”.

لا توجد قوانين واضحة

وفقًا لمسح أجري عام 2007 في الولايات المتحدة الأمريكية، قام 30٪ من أصحاب العمل بطرد موظفين بسبب إساءة استخدام الإنترنت.

قال نصف أصحاب العمل، الذين شملهم الاستطلاع، إنهم قلقون بشأن تصفح موظفيهم لمواقع الشبكات الاجتماعية أثناء العمل، وفي بعض الحالات تم فصل بعض الموظفين بسبب تعليقاتهم ومنشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

نعم، هناك بعض القيود التي تضعها القوانين الفيدرالية، ولكن هذه القيود والقوانين مكتوبة ومعروفة للجميع؛ فعلى سبيل المثال يحق للشركة طرد الموظف إذا نشر محتوى على وسائل التوصل الاجتماعي يحض على الكراهية والعنف والعنصرية والتنمر، وما دون ذلك لا تتدخل الشركة فيما يكتبه الموظف إلا في أضيق الحدود إذ قد تتدخل الشركة في حال كتب الموظف منشورات تضر بعملاء الشركة أو سرب أسرارها.

وفي ولايات مثل كاليفورنيا وكولورادو ولويزيانا ونيويورك وداكوتا الشمالية يحظر على أصحاب العمل طرد الموظف بسبب آرائه ونشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي.

وجود تنظيم لاستخدام الموظفين لشبكات التواصل في شكل لوائح أو قوانين داخلية في كل مؤسسة أصبح أمرًا ضروريًا، ويجب أن تراعي تلك اللوائح أو القوانين أنها تنظم مساحة خاصة للموظف، وتنظم تصرفاته وسلوكه في أوقات قد تكون خارج أوقات العمل الرسمية.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً