من فترة طويلة كنت قد قرأت رواية “الرابح يبقى وحيدًا” للكاتب البرازيلي الشهير باولو كويلو، وكانت أحداث الرواية تتمحور حول رجل الأعمال والمليونير الروسي “إيجور” الذي يعيش حياة غير متزنة بسبب اهتمامه الدائم بالعمل إذ هجرته زوجته وظل وحيدًا.
حين حاول “إيجور” استعادة زوجته كان الأوان قد فات ليصل في نهاية الرواية إلى نتيجة مفادها أن الشخص الذي يولي عمله كل اهتمامه يبقى في النهاية وحيدًا وفارغًا تمامًا من الداخل.
لا يوجد توازن مثالي
الخطوة الأولى كي تحقق التوزان بين العمل وحياتك الشخصية، هي أن تتقبل حقيقة أن هذا التوزان لن يكون مثاليًا؛ بمعنى أنك لن ترجع من عملك وتقضي الوقت برفقة عائلتك وتشاهد فيلمك المفضل وتمارس الرياضة في نفس اليوم، أرجوك لا تحاول فعل ذلك لأنه سيؤدي بك إلى الإجهاد والتعب.
بمعنى آخر لا تكافح من أجل الجدول الزمني المثالي وكن أكثر واقعية؛ في بعض الأيام قد تركز أكثر على العمل وفي البعض الآخر ربما تمارس هواياتك أو تقضي الوقت برفقة أحبابك، فالتوزان يتحقق بمرور الأيام وليس كل يوم.
الأولوية دائمًا لصحتك
لن تستطيع أن تعمل بشكل أفضل إذا كنت لا تشعر بأنك على مايرام، كما لا يمكنك الاهتمام بعائلتك إذا كنت مريضًا، ولهذا يجب أن تكون صحتك الجسدية والعاطفية والعقلية بشكل عام مصدر اهتمامك الرئيسي.
إذا كنت تعاني من القلق أو الاكتئاب وتعتقد أن العلاج سيفيدك قم بإدراج هذه الجلسات في جدولك الزمني حتى إذا كان عليك مغادرة العمل مبكرًا أو التخلي عن خططك المسائية.
وكذلك إذا كنت تعاني من مرض مزمن أو تشعر بالتوعك لا تترد أبداً في متابعة الطبيب ولا تقوم نهائيًا بتأجيل الاهتمام بصحتك لأن إعطاء الأولوية لها سيجعلك موظفًا وشخصًا أفضل في كل مناحي حياتك.
ساعات عمل محددة
ضع مواعيد واضحة لساعات عملك، وفور أن تغادر العمل وتطأ قدمك خارج أركان الشركة تجنب قدر الإمكان التفكير في المشاريع القادمة والحسابات.
ومن ناحية أخرى لا ترد على رسائل البريد الإلكتروني للشركة خارج أوقات العمل الرسمية، وإلا سينتهي بك المطاف إلى تصفح البريد الوارد في منتصف الليل، وعوضًا عن التفكير في العمل اقض الوقت بصحبة عائلتك لأنهم المصدر الأكبر والأهم للحب والرضا الداخلي.
تحديد الأولويات والأهداف
انتبه إلى الأوقات التي تكون فيها أكثر إنتاجية في العمل وخصص هذا الوقت لأهم الأنشطة المتعلقة بالعمل، وخلال هذا الوقت تجنب التحقق من رسائل البريد الإلكتروني والهاتف كل بضع دقائق وابتعد عن وسائل التواصل الاجتماعي، فهذه الأنشطة تضيع الوقت وتؤدي إلى إهدار انتباهك وإنتاجيتك.
وعوضًا عن ذلك يمكن أن يؤدي تنظيم يومك إلى زيادة الإنتاجية في العمل، مما قد يؤدي إلى مزيد من وقت الفراغ للاسترخاء خارج العمل.
إجازة
في الوقت الحاضر، لم تعد الإجازة ترفًا، ولكنها ضرورة هامة من ضروريات الحياة، وقد آوان معرفة أصحاب العمل بذلك الأمر، لأن السماح للموظفين بأخذ فترات راحة يساعدهم على الاسترخاء كما يجعلهم أكثر حيوية وإنتاجية، وليس من مصلحة أحد على الإطلاق أن يشعر الموظف وكأنه مجرد ترس في آلة عليه الدوران دائمًا من أجل مصلحة العمل وحسب.
مارس هوايتك المفضلة
جميعنا نملك هواية أو شغف خاص بنا مثل قراءة كتاب أو الرسم أو التصوير وربما الرقص وجمع الطوابع القديمة وما إلى ذلك.
تحقيق التوازن الجيد بين العمل والحياة لا يقتصر على إعطاء الأولوية للعمل والأسرة فقط، ولكنه يتعلق أيضاً بإعطاء أهمية للأشياء التي يحب المرء القيام بها على المستوى الشخصي، فوسط طاحونة الحياة التي لا ترحم غالبًا ما نفتقد تغذية أرواحنا وآمالنا ووجود هواية يشجع الموظف على قضاء بعض الوقت لنفسه كما يجعله يشعر بالسعادة.