قرّر حسن سعيد أن ينتهج نهج اللاعب المصري الشهير محمد صلاح، وذهب إلى الحلاق ليقصّ شعره بطريقة جديدة، إنه “لوك” المرحلة، كما يقول، إلا أن الأمر لا يبدو سطحيا إلى هذه الدرجة، إنه يحمل في طياته طريقة تعامل جديدة مع بدء العودة إلى العمل.
يجد “حسن” نفسه حائرًا بين نسختين من التعامل مع واقع مضى عليه نحو نصف عام، ومن الطبيعي أن ينساه عقلنا اللاوعي، نسخة التزام إجراءات كورونا الصارمة، والنسخة ما قبل كورونا، لذلك اضطر خلال فترة إجازة عيد الأضحى إلى برمجة طريقة ذهنية ثالثة.
يقول حسن “وجدت نفسي تائهًا وأنا أحاول ركن سيارتي خلال الأيام القليلة التي ذهبت فيها إلى العمل، حتى ركنة السيارة نسيتها واضطررت إلى ترك السيارة للسائس، وعندما صعدت إلى العمل وجدتني قد نسيت البصمة، حتى اسم عامل البوفيه استجمعت شتات أفكاري حتى أتذكر اسمه”.
دعك من القلق وكن مرحًا
يتسلّح “حسن” بروح الفكاهة في مثل هذه المواقف ويحوّلها إلى مادة للسخرية التي تقلل بالفعل من شعوره بالقلق والتوتر، الذي يزدحم به المكتب، فحالة الهلع مسيطرة على الأجواء، وحاله على ما يبدو أفضل من كثيرين، فهو لا يتخيل أن يكون مثلا في وضع يشبه مديره الذي اضطر إلى اصطحاب طفله معه حتى يرتّب أمور إلحاقه بحضانة بعد العيد.
ابتكار حلول شخصية
هذا الوضع دفع “حسن” إلى عدم الشكوى لمديره من المشاكل التي تواجهه، فيبدو مديره نفسه غير قادر على إيجاد حل لنفسه، وقرر أن يحلّ مشاكله بنفسه، وأن لا يصدّر هذا الشعور السيئ لزملائه.
النسخة الثالثة المرنة
يقول حسن إننا في وضع مربك، تنقصه تفاصيل كثيرة، فلا أنت قادر على العودة إلى نمط الحياة الطبيعية ما قبل كورونا، ولا أنت قادر على تطويع الإجراءات الاحترازية أو الالتزام بها، فأنت مجرد شخص في شارع أو مكتب مزدحم. ولو كنت “صارما” في التعامل فستصبح موسوسا ومتوترًا طوال الوقت، والحل برأيه أن نصنع لأنفسنا نسخة تشغيل ثالثة بديلة، تحتمل إدخال تحسينات عليها واستبعاد غير الممكن، نسخة مرنة حسب الواقع.
الوضع الكوروني أفضل
على خلاف كثير من زملائه، وضع “حسن” اسمه في قائمة الراغبين في الرجوع إلى العمل من المكتب، فكثيرون يرون أنهم ينجزون الأعمال أفضل وأسرع، وفي وضع أكثر أمانا، إلا أن “حسن” يرى أن العودة إلى العمل حتمية وعليه أن يدرب نفسه على هذا الوضع، كما أنه يرى أن العمل ليس فقط مجرد إنجاز مهام رقمية.
“حسن” يفتقد الاجتماعيات والإنسانيات في العمل، لذا قرر النزول على كل حال، لكنه يخبر زملاءه عبر مجموعات العمل المختلفة بخبراته مع كثير من روح الدعابة والفكاهة، حتى أنه أقنع البعض بالتغلب على مخاوفهم واتخاذ قرار النزول الصعب.
عضلات العمل تحتاج إلى تمرين
يشبّه “حسن” العودة إلى العمل بعد كورونا بالذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية لأول مرة، فلقد اكتسبنا خلال فترة العزل الصحي عادات تدور جميعها حول الراحة والاسترخاء والكسل والحذر والتأجيل والوحدة والانفراد بالذات وحرية إهدار الوقت وخدمة توصيل كل شيء إلى مكانك من دون الاضطرار إلى نزول سلمة واحدة، كل ذلك يحتاج التخلص منه إلى تمرين، وكل نقطة تحتاج إلى تمرين خاص.
المرحلة الانتقالية تبدأ بالمصيف
يرى حسن أننا الآن في مرحلة انتقالية، فالإجازة الصيفية تسمح لنا بالتدرّب على الوضع الجديد، فأمامنا تقريبا أقل من شهرين لعودة الحياة إلى كامل مظاهرها – إلا إذا داهمتنا موجة كورونا ثانية- وعليه فقد قرّر أن يغسل هموم مرحلة كورونا في مغطس الفندق الذي حجزه في العيد، فالأمر يحتاج بالفعل إلى بحر ومصيف وطقوس التصييف المعتادة.
شخصيتي الجديدة
من بين البروتوكولات الجديدة للتعامل، أسّس لنفسه مع زملائه مدونة سلوك شخصية، ودعا حسن زملاءه إلى أن يحذوا حذوه، فهو بحسب شخصيته الجديدة “لا يتفاجأ ولا يندهش من سلوكيات الآخرين مهما كانت ولديه حل وسط للتعامل معها، لا يركن إلى توقعات مسبقة، يترك توقعاته عند عتبة بابه..”.
ومع استعدادنا للعودة إلى ممارسة حياتنا الطبيعية، فالأمر يتطلب أن نحاول تطوير أسلوب جديد يتمتع بالمرونة، ولنتشارك سويا في تحديد قواعده مع بعضنا البعض داخل المكتب الذي يضمنا ونتخلى عن القلق والتوتر، فالأمس قد طواه النسيان ولن يعود ثانية.