أؤمن شخصيًا أن النجاح والفشل هما فصلان متتاليان، فلا يوجد مرحلة نجاح في عمر الإنسان لا تأتي بعد الكثير والكثير من المحاولات والعمل المستمر، وهو ما يكشفه لنا تاريخ أنجح الشخصيات حول العالم اللذين تعرضوا للفشل قبل أن يصيروا شخصيات يقتدى بها ونتناقل قصص نجاحهم الواحدة تلو الأخرى.
ينطبق الأمر نفسه على تلك التحديات المهمة التي تواجهها في مقابلات العمل، فهناك الكثير من تلك المقابلات لم تكن ناجحة، ولكنها أمدتنا بدروس مستفادة حول نقاط قوتنا وضعفنا.
تعرفوا معنا في السطور القادمة كيف ساهمت مقابلات العمل الفاشلة في تطوري المهني.
المقابلة الأولى: مرحلة ما بعد التخرج
على خطى معظم الخريجين الجدد قدمت في إحدى شركات الكول سنتر، أو خدمة العملاء المعروفة للعمل هناك، وفي صناعة الكول سنتر يتقدم المئات بشكل يومي لشغل الوظيفة وبالتالي عملية إجراء مقابلة عمل تمثل ضغط كبير على المسئولين عن التوظيف؛ وقعت بدوري في مقابلة عمل جماعية تضم ٧ من المتقدمين.
بدأ المسئول عن التوظيف في تعريف نفسه ثم بدأ في التعرف على كل فرد وطرح الأسئلة على كل متقدم، سارعت بحماس بالإجابة على كل الأسئلة التي عجز غيري في الإجابة عنها، وبعد إنتهاء المقابلة لم أكن من الناجحين في هذه المرحلة.
سخطت كثيرًا وانفعلت وقمت بتوجيه الإتهام لمسئول التوظيف دون حق، ولكن أكتشفت أن السبب في ذلك لم يكن غير بعض الأسباب الشخصية ومنها:
- الأنانية:
من أهم المواصفات التي يبحث عنها مسؤول التوظيف هي مهارة روح الفريق؛ فقد كان تسرعي في الإجابة على كل الأسئلة بالتأكيد أثارت الحساسية ضدي من جهة باقي المرشحين بشكل لا إرادي يدفعهم لإظهار أفضل ما فيهم لإقصائي.
- عدم الإنصات:
عليك أن تكون منصتًا جيدًا لأسئلة المسئول عن التوظيف، سرعتي في الإجابة على الأسئلة جعلتني أبدو كأحمق لم يفهم السؤال جيدًا، فبادر بإجابة قد تكون خاطئة أو ناتجة عن غير فهم.
- الغرور:
احترام المنافس من أهم سمات النجاح والتميز، تكوين صداقات مع المرشحين للوظيفة شئ جيد، ولكن الإعتماد على الإنطباع الأول من أجل استعراض القوة والثقة الزائدة في قدراتك قد يكون أحد أسباب فشلك في مقابلة العمل الجماعية.
المقابلة الثانية: عدم دراسة الشركة
في بدايات حياتي المهنية أجريت مقابلة عمل بأحد الصحف الكبرى للعمل كمدير لإدارة وسائل التواصل الإجتماعية، في هذه المقابلة كنت واثق تمام الثقة في قدراتي، ولم استثمر الوقت الكافي للإعداد للمقابلة جيدًا للتعرف على الفارق بين تسويق لأخبار صحفية وبين تسويق لمنتج.
ظللت طول المقابلة أردد كلمة “منتج” والمسئولة عن التوظيف في امتعاض تخبرني أنهم مؤسسة صحفية وجريدتهم لا ينطبق عليهم وصف منتج! فتعملت من هذه المقابلة:
- ضرورة الإعداد لمقابلة العمل:
على المتقدم لمقابلة العمل أن يدرس جيداً الشركة أو المؤسسة التي يتقدم لشغل وظيفتها، ومعرفة تاريخهم والمصطلحات المتداولة في قاموس صناعتهم ونقاط الضعف والقوة في أداء الوظيفة المتاحة.
المقابلة الثالثة: الزي الغير مناسب
كانت مقابلة بأحد المستشفيات لشغل منصب في إدارة التسويق هناك، وكانت لجنة مقابلة العمل مكونة من ثلاثة أطباء إداريين، في هذه المقابلة أكتشفت أن كل المتقدمين للوظيفة يرتدون الزي الرسمي ما عدا أنا.
شعرت بالإحراج الشديد، ولكن حمست نفسي بأن قدراتي قد تشفع لي، ولكن كان أول سؤال لي: “لابس كاجوال ليه يا أ- أحمد؟” وحينها أدركت أنه من الضروري:
- السؤال في المكالمة الهاتفية عن طبيعة الزي المفترض ارتدائه في المقابلة.
- ارتداء زي شبه رسمي في أي مقابلة عمل لتجنب الإحراج.
المقابلة الرابعة: ادعاء الخبرة
في بدايات حياتي المهنية التحقت بدبلومة في ادارة الموارد البشرية رغبة مني في تحويل مساري المهني، قمت بمقابلة عمل في أحد الشركات بعد إتمام الدبلومة مباشرة لشغل وظيفة أخصائي موارد بشرية، اذكر جيدًا كيف كانت أجوبتي بمثابة تلقين لما درسته نصًا دون أي فهم أوشرح كيف يمكنني تطبيق هذه القواعد.
ليس كل ما درسته يمكن أن يجعلك صالح للعمل فيه، الخبرة العملية مهمة، وكان من الممكن طرح مسألة الرغبة في الخضوع لتدريب بالشركة في قسم الموارد البشرية، عوضًا عن الإصرار على أن المعرفة النظرية قد تفيد في شغل المهام الوظيفية.
المقابلة الخامسة: الحركة ممنوعة
المقابلة الأخيرة التي أختم بها تدوينتي، تلك التي ظللت ماكث في مقعدي لا أبدي أي حركة، فقط في وضع اليدين بصورة متقاطعة أمام الصدر أجيب على الأسئلة!
بعد هذه المقابلة تعلمت درس مهم وهو:
- أهمية لغة الجسد وما يمكن أن تشير له، التفاعل بحركات اليدين بشكل هادئ مع قليل من تعبيرات الوجه، سوف يخلق بدون شك حالة من التفاعل في المقابلة، كما سيعكس مدى ارتياحك وثباتك الإنفعالي.
مقابلات العمل بمثابة تذكرة دخول لوظيفة أحلامك، الإستعداد الجيد لها هي سبيل حصولك عليها، لا بأس بفشلك في إجراء بعضها، لكن في النهاية عليك معرفة الأسباب وكيف تتفاداها في مقابلات العمل القادمة.
أقرأ أيضا: ما هي علامات اجتياز مقابلة العمل بنجاح؟