article comment count is: 0

ماذا لو كان “مارك مانسون” مصريًا؟

تعلم أنني مثلك لست دائمًا بخير، وعلى الرغم مما نمر به أنا وأنت من أمور، لا يزال المحيطين بي يتهمونني بالجنون، لأنني رغم كل شئ لدي كثير من الأمل، إلا أن الكاتب الأمريكي “مارك مانسون” له مفهوم صادم عن الأمل، دعنا نتشاركه، ثم نفكر معًا، كيف كانت ستكون رؤيته إذا كان مصريًا.

“مانسون” الأمل

“مارك مانسون”، الكاتب الأمريكي، من مواليد عام 1984، ربما تعرفه من الكتاب الشهير، الذي ظهر نجم مصر، وليفربول الإنجليزي، محمد صلاح، ممسكًا به، وعنوانه “فن اللامبالاة”، وورد في قائمة نيويورك تايمز لأكثر الكتب مبيعًا على مستوى العالم، لكنه عاد ليثير الإعجاب والجدل مجددًا، من خلال كتابه “خراب..كتاب عن الأمل”.

يخبرك “مانسون” أن تركيبتنا النفسية تحتاج الأمل لمواصلة الحياة، وأن مشاعر الغضب والحزن تعني أنك تبالي تجاه شئ ما، وأن هناك أشياء لا تزال مهمة بالنسبة لك، أي أنك لا تزال تملك الأمل، وأن انعدام الأمل والإحباط تعني أنك أصبحت عدميًا، وتفتح باب إصابتك بالاكتئاب، وتحاول عقولنا بناء الأمل دائمًا.

يوضح “مارك” أن الشعور بالقلق وانعدام الأمل، يأتي عندما تفقد سيطرتك على حياتك، أو ما تظن أنه سيطرة منك على حياتك. ولعل ما نعيشه في ظل أزمة “كورونا” حاليًا مثالًا قويًا، أنت لا تستطيع تنفيذ خططك، أنت عاجز تمامًا.

إلا أن “مانسون” يطمئنك، أنت غير قادر على تغيير نفسك، وليس عليك أن تشعر دائمًا بأنه ينبغي لك فعل ذلك، وأن عواطفك وانفعالاتك تلعب دورًا كبيرًا في اتخاذ قراراتك، وإقدامك على فعل شئ ما، وليس عقلك فقط، بل إن مشاعرك تقود وعيك وعقلك فعليًا، وكل ما عليك تقبل ذاتك.

أهلًا بالخراب

لا يتركك الكاتب الثلاثيني دون أن يصدمك، فأنت تتعرض للاستغلال، وتفتقد الشعور بالإنصاف، وتشعر بالدونية، وتبرر شعورك بالألم، بل تقنع نفسك أنك تستحق ما تتعرض له من أمور سيئة، بل تتوقع دائمًا أن شيئًا سيئًا سيحدث لك، وتدخل في نزاعات فتاكة، والسبب أن لديك أملًا، وأن الخراب الذي تعيشه سببه تمسكك بالأمل.

يخاطبك “مارك مانسون” بحسب سنك، فالطفل الصغير يبحث عن المتعة، بغض النظر عما قد تسببه من ألم، ويسعى المراهق للمتعة وتجنب الألم معًا، فيما تكون الصورة أكثر اتساعًا لدى الناضجين، بالتوازن بين رغباتهم ورغبات الآخرين، والتصرف وفق قواعد المجتمع، والتركيز على المبادئ، ويتوه المراهق في المقايضات بين التحفيز والتحذير.

ألم لا أمل

يؤكد “مانسون” أن الألم هو الثابت الكوني العام، ومهما كانت حياتك جيدة سيظل الألم موجودًا، لكن عليك أن تختار، هل تتعايش معه؟، أم تتجنبه؟، أم تتحمله؟، بل يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، بدلًا من الخوف من الفشل، حب فشلك، افهم ماذا حدث؟ تقبل حقيقة أنك فشلت، حتى لا تفشل مجددًا.

يستطرد “مارك” في سرد طرق التعامل مع الألم، يقول لك إن الألم لا مفر منه، لكن معاناتك اختيار، القسوة من حولك ستجعلك قويًا، توافر كل مظاهر الترف لديك سيجعلك هشًا، اختبارات الحياة وتقبلك لها، والتعلم منها، هو ما يجعلك قويًا، لا تكن هشًا، ذلك ما يجعلك مسيطرًا، هكذا تتجنب الخراب.

يربط الكاتب بين الاقتصاد والمشاعر، التسويق بالنسبة له يقوم على أمرين، إما استبدال ألم بآخر أقل ألمًا، أو إلهاءك عن الألم، يفرق بين ما نريده وما نحتاجه، كثيرون يحاولون إيهامك أنهم يمنحونك ما تريده، لكنك ببساطة قد تكون لا تحتاجه، ويستمرون في إلهاءك، لكن الرجل يذهب إلى أننا لسنا أحرارًا.

الحرية الحقيقية

يشرح “مانسون” الحرية الحقيقية: “التنوع يأتي ويذهب، والمسرة لا تدوم أبدًا. وكثرة الخيارات تفقدها معناها، لكنك تظل على الدوام قادرًا على اختيار ما أنت مستعد للتضحية به، وما أنت مستعد للتخلي عنه”. الكل قادر على اختيار المسرة، الأقل قادر على اختيار الألم، الأمر يحتاج شجاعة، والشجاعة مرادفة للالتزام، ما دون ذلك حرية زائفة.

في نهاية كتابه، لا يمنحك “مارك مانسون” حلًا سحريًا، ولا يمنحك أملًا، في المقابل يطلب منك ألا تأمل، ولا تيأس، لا تأمل بالأفضل، كن أفضل، كن أكثر مرونة، وعطفًا، وتعاطفًا، وتواضعًا، وانضباطًا. عندما يخبرني صديق أنه حزين، أو غاضب، أقول له أو لها: “ألف مبروك أنت لست كرسيًا”.

“مانسون” مصريًا

التكنولوجيا جعلتنا لا نعرف قيمة أنفسنا، بقدر ما نهتم بقيمة ما نملك، لو كان “مارك مانسون” مصريًا، لما أضاف أكثر مما قال، إن الأزمات التي طرحها في كتابه، لا تتعلق بمواطن أمريكي، أو مصري، بل هي أزمة عالمية، لسنا وحدنا في هذا العالم، كلنا نتألم، ولكن ماذا كان سيقول إذا كان مصريًا؟

لا تتعجل الأمور، أنت في أفضل حال، من حقك أن تطمح في الأفضل دائمًا، استوعب خطواتك بهدوء، لتشعر بقيمة ما فلعت، خطوة صغيرة تقودك إلى مسافة أطول بأداء أسرع، وفر طاقتك فيما تحتاج، لا تستسلم لوهم أنك تريد شئ، فلا ينقصك شئ، امتلاكك أحدث “موبايل” لا يعني أنك الأفضل.

مجموعك في الثانوية العامة لا يعبر عن حقيقتك، وحقيقة ما أنت قادر على فعله، تألم في صمت، لست وحدك، فقط هناك من يتظاهر بالقوة، وهناك أقوياء، الحياة ليست دائمًا منصفة، ليست سهلة، لكننا مررنا معًا بالأسوأ والأفضل، العبرة بأننا لم نفقد إيماننا في أنفسنا، وقدرتنا على السعي.

لا تكن صورة مكررة من أحد، أنت غير مطالب بتحقيق أحلام عجز آخرين عن تحقيقها، كن أنت، افعل ما أنت قادر عليه، إنها مياهك الدافئة، تمكن من نقاط قوتك، لا تنجرف إلى نقاط قوة الآخرين فتفشل، لا تجعل أحد يزايد عليك، اسمع قلبك، وانظر إلى خط النهاية، وصم أذنيك.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً