article comment count is: 0

في زمن الكورونا: تأمل.. ولا تفعل أي شيء

ظروف استثنائية يمر بها العالم بأكمله، لم نتعرض لمثل تلك الظروف من قبل، السباق الذي كنا نعيشه طوال أيام أسبوعنا على مدار سنين متصلة توقف فجأة، الجميع لا يفكر سوى في أمر واحد فقط، متى تنتهي الأزمة، وماذا سيأتي بعدها، الجميع في المنزل خوفا من وباء كورونا العالمي.

في رأيي ما يهون الأمر أننا في عصر الإنترنت، لكن في نفس الوقت يطل علينا من كل النوافذ من يخبرنا بضرورة استغلال الوقت في تعلم الإسبانية، ودراسة البرمجة، ومشاهدة سلسلة وثائقيات الحرب العالمية الأولى والثانية، وممارسة الرياضة المنزلية واقتناء بعض أسماك الزينة، وكأن هناك من يصر على أن يبقى الإنسان في تلك الدائرة، مضغوط يشعر بالتقصير حتى في فترة الهدنة العالمية.

لماذا؟

الرد الوحيد على أي نصيحة من ذلك النوع هو: لماذا؟ لماذا يجب أن استغل الفرصة لتعلم مهارات جديدة أو ممارسة فعل ليس في دائرة اهتماماتي.

قد أتفهم تلك النصائح في الفترة السابقة، السبب واضح ذلك السباق الذي كان يخوضه الجميع لينال رضا كيان غير مرأي بالعين، كيان وضع الجميع في المضمار وأخذ يقارن بين مهارتهم وقدرتهم على التحصيل والاستيعاب من أجل تحديد الفائز براتب ما، سواء كان ضعيف أو متوسط أو سخي.

ذلك الكيان الذي يهبط على بعض البلدان ذات الكثافة السكانية العالية، ويطلق إشارة انطلاق السباق، ويحصل أصحاب المراكز الأولى على راتب مرتفع بالنسبة لظروف بلدانهم ومقارنة بالرواتب المتاحة، ذلك الراتب المرتفع الذي لا يقدر الكيان غير المرئي على عرضه في بلدان أخرى.

ما يريده منك الكيان الوهمي هو إجادة الكثير والكثير من الأشياء، حتى تتحول إلى ترس صغير، ينسى لماذا يعمل من الأساس، بل ينسى الهدف من الحياة كلها.

الآن بعد توقف ذلك السباق إجباريا، ما الذي تبقى من سنواتك السابقة في ذلك المضمار، علاقات غير حقيقة بينك وبين كيانات عملاقة لا تراك سوى رقم، رقم قد يتسبب في مكسب أو يتسبب في خسارة، وبالتأكيد مفهوم تماما ما هو رد الفعل المتوقع عندما تصبح رقم يتسبب في خسارة.

أشعر أن استمرار النصائح المعتادة هو من باب الخوف من رؤية الحقيقة، من تراجع الوهم، الآن يدرك الجميع أن الأمر ما كان يستحق كل هذا العناء، في لحظة عدمية تهددت فيها الإنسانية بالكامل، كأنها رجل واحد، لا فرق بين غني وفقير، بين موظف عادي ومدير، الجميع في مواجهة نفس الخطر بلا حيلة، لا فضل لأحدهم على أحدهم بإتقان الفرنسية ولا بالقدرة على العمل 16 ساعة متواصلة.

ما هو الهدف الحقيقي؟

استمرار تلك النصائح هو حالة من حالات الإنكار الشديد، نحن جميعا في مواجهة شيء لا نعرفه ولا نعرف حتى متى تنتهي مواجهته، والمطلوب هو الاهتمام بأنفسنا فقط وحمايتها، تراجعت كل الكماليات وطغت الأولويات على السطح، ولا يوجد من يملك الشجاعة لرفض العمل من المنزل، أو رفض خلق بيئة عمل صحية في حالة ضرورة الذهاب إلى العمل.

ماذا تفعل؟

لا تفعل شيء فقد تأمل، وحاول أن تتذكر أهدافك التي بدأت بها ذلك السباق المجنون، التقط أنفاسك، أنت تملك كل الوقت لرؤية كل التفاصيل من حولك، افعل ما تريده، فقط قم بالأفعال التي تحسن حالتك المزاجية وتعيد لك نشاطك وطاقتك التي خسرت الكثير منها في السباق اليومي.

اشعر بقيمة أشياء كنت نسيت أنك تملكها، أو تتعامل معها على إنها أشياء بديهية ومضمونة، معك كل الوقت لتفهم أن راتبك لا يكفيك ليس لقلته فقط بل بسبب طريقتك في الحصول عليه، نظام حياتك الذي اعتمدت فيه على القهوة الجاهزة من المقاهي العالمية، بالإضافة إلى الوجبات السريعة التي تلتهما على عجل في عملك، تلك الطريقة الاستهلاكية التي تجعل أي راتب مهما ارتفع لا يكفي صاحبه.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً