خلال سنوات عملي الطويلة كنت دومًا أراقب علاقات العمل من بعيد، وخلال هذه المدة تعلمت شيئاً؛ الاختلاف مع المدير في الرأي أمرًا جيدًا وصحيًا في بيئة العمل طالما نعرف متى نختلف وكيف نفعل ذلك؛ لنتذكر دائمًا أن الأمر لا يتعلق بما نقوله ولكن كيف نقوله.
عندما بدأت العمل لأول مرة اعتقدت أنه من الأفضل الاحتفاظ بآرائي لنفسي، حتى لو شعرت أن مديري كان مخطئًا أو لم يكن لديه جميع المعلومات اللازمة لاتخاذ القرار، وقتها كنت أشاهد العديد من المناقشات المحتدة بين الزملاء ومدير الفريق ولأنني شخصية لا تحب الصراع فقد كنت دائمًا أتجنب تلك النقاشات.
بمرور الوقت أدركت أن الأمر لا يجب أن يكون على هذا النحو، إذ يمكننا التعبير عن آرائنا للمدير دون الخوف من خسارة النقاش أو حتى خسارة الوظيفة.
التوقيت المناسب
الخطوة الأولى والأهم للتحدث مع مديرك في موضوع خلافي هو اختيار الوقت والمكان المناسب.
اجتماع العمل على سبيل المثال يبدو اختيارًا ممتازًا حيث يشارك الجميع في الاقتراحات والأفكار وبذلك لن تبدو عدوانيًا، ولكن كيف تبدأ طرح فكرتك التي تختلف مع رؤية المدير في الاجتماع؟
يُنصح دائمًا بالتفكير في المحادثة التي تدور في رأسك قبل أن تتحدث مع رئيسك في العمل، حدد المشكلة وحاول التوصل إلى العديد من الحلول، وبهذه الطريقة ستظهر على أنك قادر على حل المشكلات وليس محرضًا على الصراع.
الإيجابيات أولاً
أثناء طرح فكرتك على المدير اشرح وجهة نظرك بهدوء؛ وابدأ معارضتك بالحديث عن إيجابيات فكرة أو رأي المدير، وعوضًا عن طرح فكرتك المعارضة بشكل مباشر يمكنك اللجوء لاستخدام الأسئلة بمعنى “ماذا لو” نفذنا المشروع بشكل آخر أو بطرح مختلف؟
بعدها ابدأ مباشرة بشرح أسبابك المنطقية لفكرتك ويجب أن تكون جاهزًا للرد على أية أسئلة بشأنها ممتلكًا لجميع البيانات والمعلومات اللازمة التي تؤيد وجهة نظرك.
التركيز على النتائج
دعونا نواجه الأمر؛ أي مدير سيهتم كثيرًا بنجاح شركته في المقام الأول؛ لذلك، إذا كان بإمكانك تحديد النتائج الإيجابية لفكرتك بشكل مناسب، فأنت على بعد خطوة واحدة من جعل مديرك في صفك.
لنأخذ فكرة اجتماع فريق العمل على سبيل المثال يمكن أن تقول “تعجبني حقًا فكرتك المتعلقة بعقد اجتماعات أسبوعية للفريق حتى نطرح المزيد من الأفكار الإبداعية، ومع ذلك أظن أن عقد الاجتماعات في أيام الخميس بدلاً من الأحد سيكون أفضل، لأنه يمنح الجميع فرصة للتفكير طوال الأسبوع – مما يعني أن اجتماعنا سيكون أكثر إنتاجية. ماذا تعتقد؟”
تجنب العدائية
حتى لو كنت مسلحًا بجميع المعلومات والبيانات التي تؤيد وجهة نظرك، وحتى لو قرأت سوق العمل جيداً وقارنت شركتك مع الشركات المنافسة وأدركت صواب رؤيتك؛ تجنب العدائية في طرح أفكارك على المدير ولا تتحدث بشكل قاطع وكأنك الوحيد العالم ببواطن الأمر فإن من شأن هذه الطريقة في التعامل أن تحفز الجميع ضدك وليس المدير فقط.
لا تتعامل مع معلوماتك وفكرتك على أنها حقائق بديهية، وبالإضافة لذلك اختر نبرة صوت مناسبة للحديث لا تحتد أثناء النقاش لأن الأمر سينقلب عليك في النهاية.
كن مستعدًا للخسارة
عندما لا تتفق مع رئيسك في العمل، كن مستعدًا للخسارة حتى لو بدت وجهة نظرك صحيحة تمامًا، ويجب أن تعلم أن الحياة مليئة بالدروس وعلى طول الطريق، ستتعرض للكثير من المواقف التي لا تخضع لمقياس ثابت للصواب والخطأ، وبمرور التجارب ستكون أكثر انفتاحًا على سوق العمل وعالمه الواسع، ربما تنجح الأمور في النهاية ويثق المدير في قراراتك.
وحين يحدث ذلك الأمر ولا يتفق المدير مع وجهة نظرك لا تأخذ الأمر بمحمل شخصي وتظن أنه لا يثق بأفكارك ومهاراتك في العمل؛ ربما لديه وجهة نظر أخرى وكل ما عليك فعله وقتها هو دعم وجهة نظر المدير والعمل على تنفيذها، وتذكر جيداً أن الاختلاف في الرأي لايجب أبداً أن يفسد للود قضية.