للمقولات الخالدة سحر ما، ليس من السهل تكثيف معنى كبير في جملة قصيرة سهلة الفهم وقوية المعنى ولها القدرة على وصف الحالة بشكل كامل وتحمل في طياتها النصيحة أو التحذير، كما أنها أحيانا تحمل السجع والموسيقى الداخلية فتجعل وقعها أقوى وحاسم.
فمن يقول أمامك “من جد وجد ومن زرع حصد” ستتردد في مراجعة رأيه أو محاولة نفي الجملة، المقولات تحوم حولنا طوال الوقت ونستخدمها يوميا بشكل مستمر، مثلها مثل الأمثال الشعبية التي لا يخلو أي حديث يومي من واحدة منها على الأقل.
في الحياة العملية هناك الكثير من تلك المقاولات المعلبة الجاهزة التي تظهر على مائدة النقاشات الجادة بشأن العمل، ولعل أهمها وأشهرها هي تلك المقولة التي استمعت لها كثيرًا في بداية حياتك العملية، في أول طريق البحث عن اكتشاف وتحقيق الذات، والصراع بين وظيفة تحلم بها ووظيفة متاحة، إنها المقولة الخالدة “حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب” والتي دائما ما تذكرني بفيلم “لا تراجع ولا استسلام” ذلك المشهد الذي يردد فيه “حزلقوم” جملته الشهيرة “يعني أعمل إيه؟” أرها مقولة مطاطة ومخادعة وإليك الأسباب.
معنى مخادع
في البداية هناك شيء غير مريح في تلك المقاولة، دائما أشعر أنها مخادعة، فهي تطلب منك أن تحب على مضض الوظيفة المتاحة حتى تأتي الفرصة وتحصل على الوظيفة التي تحلم بها، هذا هو المعنى الظاهر، لكني دائما أشعر أنها تنصحك أن تحب ما تعمل وبعد فترة ستجد أنك تعودت عليه وتحبه وتنسى حلمك تذكرني بـ “الحب بيجي بعد الجواز” لذلك أحرص على تذكير من يقول تلك المقولة ألا يقع في فخ التعود وينسى حلمه.
علاقة مصلحة
لا أجد أي أمانة أو مصداقية في أن ترتبط بشركة أو مؤسسة على مضض في انتظار الفرصة التي تحلم بها في مكان آخر، وهو ما تحاول المقولة تفاديه بأن تطلب منك “الحب” حتى تنفي عن معناها المصلحة المباشرة والعلاقة النفعية، فتصبح مقولة طيبة تدعو للخير والعمل.
حق يراد به باطل
بالتأكيد يجب ألا تخدعك أحلامك وتقف مكانك في انتظار الفرصة التي تحلم بها، لكن في نفس الوقت الأولى هو أن تعرف الأدوات المطلوبة لوظيفة أحلامك وتسعى للاستعداد الجيد لها، حتى لا تأتي وأنت غير مستعد في تضيع عليك، بالتأكيد الحاجة المادية والعمل من أجل سد الحاجة هدف شريف لكن يجب ألا تنسى استغلال تلك الفرصة للاستعداد، وهو ما لم تشير له المقولة ولو من بعيد.
سعادة زائفة
هل تطرح المقولة عليك عرض بالتخدير؟ سعادة غير حقيقية تخدع بها نفسك أثناء الانتظار، من أكثر من زاوية المقولة بها الكثير من الثغرات التي قد تجعلك تقضي سنوات من عمرك دون أن تشعر، ثم تحصل في النهاية على خطاب نهاية المشوار يحمل عنوان “معلش”.