“الست تقدرتشتغل أى حاجة زيها زى الراجل” ..هل الجملة دى حقيقية ؟ الإجابة ..لا؟! ،والحقيقة إنه رغم كل الحملات والمطالبات بعدم التمييز ضد المرأة ، إلا أن هناك كثير من النماذج مازالت تعانى من التمييز خاصة فيما يتعلق باستبعاد النساء العمل فى مجالات بعينها فقط لأنها أمرأة ،وحتى ممن تمتلكن الجرأة الكافية لاقتحام تلك المجالات، فقد تتعرض لمضايقات واحباطات.
فى هذا المقال وبمناسبة حملة ال16 يوم للعنف ضد المرأة تلتقى ” مسارات ” بعدد من السيدات والفتيات التى مازالن يعانين من التمييز فى العمل.
منة. ز، 26 عاماً ، تقول، تخرجت من كلية الهندسة في عام 2018، وحصلت على درجة الماجيستير من جامعة بفرنسا منذ شهر واحد فقط، بدأ شعورى بالتفرقة من بداية التحاقي بالكلية ،وكانت النسبة الأكبرمن طلبة الكلية من الشباب، وكان الانحياز لهم واضح ، فكان هناك تدريب للطلبة لدى إحدى شركات الحديد والصلب الكبرى، وكان اختيار المشاركين على حسب التقدير العام، ولأنني كنت من أوائل الدفعة فتم اختياري على مضض، وقتها وجدت اعتراض من زملائي من الشباب وقالوها لي بشكل صريح، “هتروحي تعملي إيه أصلاً.. محدش هيشغلك بعد التخرج”، والمفاجأة أن ذلك كان حقيقياً إلى حد كبير، وكانت تلك الشركات لا تفضل كثيراً توظيف المهندسات رغم أن ذلك غير قانونياً.
وتتابع منه ” لم يكن ذلك الموقف الوحيد فعندما تم اختيارى أنا وزميل لى لإعداد مشروعاً بحثياً بالتعاون مع جامعة ألمانية، وعند تقسيم المهام، كلفنى الاستاذ المشرف على البحث بجزء بسيط بتكنيك لم أعمل عليه من قبل، بينما كلف زميلي بالتكنيك الأهم ،وعندما سألته عن ذلك قال لي بشكل صريح “إنه أعطى التكنيك الصعب للزميل الشاب لأنه ميكروسكوبي وصعب، بينما ترك لي الجزء السهل”، رغم أننى تدربت على هذا التكنيك فأنا الأنسب لهذا التكليف ،ولكننى لم أتوقف و عملت على تطوير نفسى،فقد عدت للتو من أوربا بعد أن حصلت منحة دراسية فى هذا التخصص تحديداً.
وتقول منة” إن تلك المواقف بالطبع أحبطتني، ولكنها لم تجعلني أفكر في التراجع ، ولكن ما حدث أدخل إلى نفسي شعور بالغربة فى ذلك الوقت”.
أما يوستينا.ع، طبيبة جراحة، 30 عاماً، فتقول، “فى سنة الأمتياز كنت مهتمة أن اتخصص فى الجراحة الذى اجتهدت كثيراً فيه ،وفي يوم كان هناك حالة إزالة كيس دهني، فاختار رئيس القسم زميل شاب للعمل عليها، رغم إنني كنت أتفوق عليه ويومها شعرت بحزن شديد ، ،ولكن لم اتراجع وأظهرت أقصى درجات الاجتهاد الاحقهم بالأسئة للتعلم.
تتابع يوستينا، ” بعد أن التحقت بعمل وصلت لمرحلة صعبة من الاحباط، فتركت العمل وأخذت إجازة بدون مرتب، والآن أنا اعمل على استكمال دراستي في دولة أوروبية،رغم أن والدي كان رافضاً للفكرة في البداية،ولكنه وافق عندما اقتنع بوجهة نظرى فى الحصول على فرصة أفضل.
وأخيراً، تروي شيماء. هـ، 30 عاماً، “أنا تخرجت من كلية العلوم قسم بيوتكنولوجي، بتقدير جيد، ولم أترك شركة أو مصنع إلا وقدمت فيه للعمل به، ولكن كان الرفض لأنهم لا يفضلون توظيف إناث في بيئة العمل، نظراً لأن مواعيد العمل متأخرة والتعامل فيها فقط مع الرجال، مع العلم، إنني لم أعترض على المواعيد، وإنني قادرة وأثق في نفسي في قدرتي على التعامل مع أي شخص”.
ما حدث مع يوستينا ومنة وشيماء ،هو جزء من الحقيقة ،فوفقاً لتقرير نشره البنك الدولي في 30 مارس من العام الجاري، عن ضرورة المساواة بين الجنسين في فرص العمل في مصر وآثاره على الاقتصاد القومي أن إجمالي الناتج المحلي يمكن أن يرتفع بنسبة 34% إذا حققت مصر المساواة في معدل المشاركة في العمل بين الرجل والمرأة،حيث تشكل النساء نسبة 50% من تعداد السكان إلا أنه لا تزال نسبة تمثيل النساء في جميع المستويات المؤسسية أقل من المطلوب، ومن الملاحظ تراجع نسبة تمثيل النساء في مستويات الإدارة العليا والوظائف القيادية.
وفي دراسة أخرى أجراها البنك الدولي، عن التمكين الاقتصادي للنساء والتي نشرت عام 2019، فقد أظهرت إنه رغم أن تمثيل النساء يأتي على نحو أفضل في الحكومة والقطاع العام بنسبة 36%، إلا أنه فى القطاع الخاص لا تتجاوز نسبة النساء 18%، أما متوسط الأجر فيقل عن نظرائهن الرجال بنسبة 34%.
من حكايتهن .. كيف تم استبعادهن من مجالات عمل بعينها فقط لأنهن نساء ؟!
هل وجدت هذه المادة مفيدة؟