“كاروشي” karoshi، مصطلح ياباني يعني الوفاة بسبب الإفراط والإدمان للعمل، وقد تظن أن هذا الأمر نادر الحدوث أو حدوثه يقتصر على الأعمال الشاقة التي تتطلب مجهودًا جسديًا كبيرًا، ولكن الأرقام تؤكد أن الموظفين الذين يعملون داخل مكاتب وفي دول متقدمة مثل اليابان قد يكونوا عرضه للموت بسبب العمل.
243 موظف ياباني تُوفّوا خلال عام 2004 بسبب العمل لأكثر من 16 ساعة بشكل يومي ودائم، ووفقًا لتقرير حكومي سنوي صدر في اليابان 2016 عن الكاروشي، اعترفت 23 % من أصل 1743 شركة شملها استطلاع أن لديها موظفين عملوا لأكثر من 80 ساعة عمل إضافي في الشهر، بينما 12 % من الشركات أقرت أن بعض موظفيها سجلوا أكثر من 100 ساعة من العمل الإضافي في شهر واحد، وهو ما يمكن ربطه بتفاقم ظاهرة الكاروشي، بحسب التقرير.
وحتى لا نصل لمرحلة الـ”كاروشي” يجب أن تفحص الأعراض التالية، وإذا كنت تعاني منها أو بعضها فعليك مراجعة نفسك فيما يخص عدد ساعات عملك.
الصداع وضعف النظر:
الصداع هو مقياس الإرهاق الذهني في جسم الإنسان، ومقياس أيضًا لمدى إرهاق حواس مهمة في الجسم مثل النظر والسمع، فإذا تعرضت العين أو الأذن بالإرهاق بدأ الصداع، ولذلك يجب أن تهتم بالصداع، رغم أنه شيء بسيط ولكنك يجب أن تعرف أسبابه، ومع وجود الإنترنت يمكنك بسهولة تشخصيه ومعرفة سببه.
إذا كان الصداع بسبب العين أو الإرهاق يجب أن تتوقف حالًا عما تبذله من مجهود، لأن الصداع بسبب الإرهاق هو أول درجة في سلم المخاطر الحقيقية التي يسببها الإجهاد وكثرة العمل، أو أول درجة في ضعف نظرك، وضعف النظر مشكلة إذا أصبت بها ستعيش معك حياتك بأكملها.
تراجع الإنتاجية:
ما الفرق بين الاجتهاد والذكاء؟ الاجتهاد هو أن تنجز الكثير من الأعمال في يومك، أما الذكاء هو أن تنجز نفس عدد الأعمال في وقت أقل باستخدام الحلول البسيطة والحيل المناسبة.
الذكاء ببساطة سيعطيك فرصة لتصفية ذهنك وإراحته، أما الاجتهاد سيجعلك في ضغط متواصل طوال اليوم، باذلًا مجهودًا ذهنيًا كبيرًا ومتواصلًا، مما سيقلل إنتاجيتك في العمل على عكس المتوقع، وذلك سيزيد الضغط على كاهلك أكثر وأكثر، وهذه هي الدرجة الثانية في سلم الخطر الذي يسببه إدمان العمل.
الأمراض الجسدية الخطيرة:
استمرار الضغط العصبي والنفسي بسبب العمل لفترات طويلة قد يصيبك بالأمراض الخطيرة، وهنا نتحدث عن أمراض حقيقية وليست أعراض بسيطة مثل الصداع.
نتحدث هنا عن ارتفاع ضغط الدم المزمن، والقولون العصبي، وانفجار الغدد، وبعض المشاكل التي تتبع السلوكيات الخاطئة التي يسببها الاستمرار في العمل لوقت طويل، مثل الحصوات التي يسببها عدم دخول دورة المياة بسبب الإنشغال في العمل، ومشاكل الجهاز الهضمي بسبب الامتناع عن الطعام لوقت طويل، أو احتساء الكافيين بكميات كبيرة، أو التدخين بشراهة، وفي هذه المرحلة يبدأ الخطر الحقيقي على حياة الإنسان.
الاكتئاب واضطرابات النوم:
من الطبيعي إذا استمر ذهنك في التفكير في العمل، فستصبح هذه هي عادته التي يمارسها ليلًا ونهارًا، ووقتها لن تستطيع التركيز في حياتك الاجتماعية أو الأسرية أو أي شيء آخر سوى العمل، مما سيسبب لك اضطرابات النوم ثم لعنة الإكتئاب، والذي بدوره سيؤثر على النوم أو استمرار حياتك بشكل طبيعي، أو حتى العمل نفسه وستسوء حالتك الذهنية والنفسية، وبالطبع حالتك الصحية الجسدية ستكون مدمرة، وهذه هي المرحلة التي يمكنها أن تصل بك إلى الوفاة.
أقرأ ايضا: كيف تساعد بيئة العمل الإيجابية في نجاح موظفيها؟
الاحتراق المهني:
العمل لساعات طويلة قد يتسبب في إصابتك بالاحتراق النفسي أو المهني الذي أصبح حالة طبية تعترف بها منظمة الصحة العالمية.
الاحتراق المهني، الذي تتشابه أعراضه مع الإكتئاب، له أعراض كثيرة منها اللامبلاة والإنهاك البدني والنفسي، والذي قد يتسبب في دخولك إلى دائرة مفرغة من محاولة إثبات الجدارة وإتقان العمل وبالتالي العمل ساعات أطول.
الدراسات المختلفة أثبتت أن الإفراط في العمل يتسبب في الموت المباشر أو غير المباشر، فلا تسعد بعملك المتواصل لساعات طويلة كل يوم، لأن ما ستجنيه من مال ستنفق معظمه على علاج صحتك الجسدية والذهنية.
مقال جيد جدا