حين كان يتحدث معي أخي الأصغر عن عدم جدوى الذهاب للجامعة، كنت أقول له إن فترة الجامعة ليست فقط محاضرات، ولكن يمكن للطلبة الاستفادة منها لتنمية ذواتهم، فسوق العمل لن يفتح ذراعيه ويرحب بوجودهم دون شروط، إذ كل فترة من حياتنا لها تحدياتها وفترة الجامعة مهمة للغاية، فهناك مهارات يجب تطويرها خلال تلك المرحلة منها:
إدارة الوقت
إذا كنت منخرطًا بشكل كبير في الأنشطة الطلابية أثناء دراستك في الجامعة، أو كنت تعمل بدوام جزئي، فإن تقسيم وقتك بين العديد من الأنشطة يوضح أنك تملك مهارة إدارة الوقت، وهي مهارة سيقدرها أصحاب العمل دائماً إذ يسهل الوثوق في الموظفين الذي يمكنهم التوفيق بين الالتزامات المتعددة،
وحتى لو كنت شديد التركيز على دراستك الجامعية فإن قدرتك على الوفاء بالمواعيد النهائية لمشروعاتك الدراسية يثبت مهارتك في إدارة الوقت.
القدرة على إدارة الأموال
خلال فترة الدراسة الجامعية كنت مغتربة في مدينة القاهرة قادمة من محافظة أخرى، ولهذا فقد اعتدت خلال هذه الفترة على إدارة الأموال ودفع الإيجار والفواتير، هذا بالإضافة إلى إعداد ميزانية شهرية للطعام والشراب ومصروفات الدراسة، كما أنني كنت مشتركة في لجنة الرحلات وهو الأمر الذي جعلني قادرة على إدارة مبالغ كبرى من المال.
كيف ستستفيد من مهارة إدارة الأموال بعد التخرج؛ تدل هذه المهارة عادة على أنك شخص ثقة ومسئول، فحين تدخل سوق العمل وحتى لو كانت الوظيفة التي تتقدم لها لا تتطلب منك التعامل مع الأموال بشكل مباشر، فإنه يوضح لأصحاب العمل أنك شخصية مسئولة وجديرة بالإعجاب، كما أنك ستستفيد منها بشكل شخصي؛ ففي حال كان مرتبك ليس كبيرًا ستتعلم إدارته بشكل بارع.
التفكير النقدي
أثناء دراستك، ستكون قد واجهت العديد من المشكلات التي بدت مستحيلة في البداية، سواء كان مقالًا صعبًا أو مسألة رياضية، وقتذاك كان عليك التفكير خارج الصندوق، والتعامل مع تكليفاتك من زوايا جديدة، وربما إجراء المزيد من البحث، وهذا هو بالضبط ما يريده أصحاب العمل من موظفيهم؛ فإذا حدثت مشكلة في العمل فإنهم يريدون منك أن تكون قادرًا على أخذ زمام المبادرة، لذا تأكد من أن يكون لديك بعض الأمثلة في التغلب على المشاكل الصعبة وتحدث عنها أثناء مقابلة العمل.
قبول النقد البناء
في أثناء الدراسة الجامعية تلقينا جميعًا النقد البناء من الأساتذة والمعيدين وحتى من الأقران، وهذا النقد ساعدنا كثيراً على التطور وتحسين قدراتنا، وبعد التخرج ستكتشف أن أصحاب العمل يريدون موظفين قادرين على تلقي النقد البناء واستخدام ما قيل لهم من أجل تحسين أعمالهم للأفضل.
القدرة على العمل الجماعي
في الجامعة كنا نقوم بتنفيذ العديد من الأبحاث الأكاديمية بشكل جماعي؛ بالطبع أثناء السنوات الأولى كنا نقوم بالكثير من الأخطاء، وكنا نختلف طوال الوقت خاصة وأننا قادمين من خلفيات ثقافية مختلفة.
بمرور الوقت تعلمنا تجاوز تلك الاختلافات وبتضافر جهودنا جميعًا كان يخرج البحث بأفضل صورة؛ وهذا تحديدًا هو جوهر فكرة العمل الجماعي أن نكون قادرين على العمل سويًا لتحقيق أهداف مشتركة دون الالتفات لاختلافاتنا الثقافية والمعرفية حتى يخرج العمل بأفضل صورة.
القدرة على الإنجاز تحت الضغط
المهارة الأبرز التي يتعلمها أغلبة طلبة الجامعة هي إدارة الضغوطات؛ فمن منا لم يذاكر في الأيام الأخيرة قبل الامتحان ومن منا لم ينتظر قرب الموعد النهائي لتسليم بحثه.
الحقيقة أنك ستحتاج لهذه المهارة أيضًا في سوق العمل إذ قد تتراكم عليك المسئوليات والمهام المطلوبة وسيكون عليك استعادة قدرتك في السيطرة على الأمور.
التواصل الفعال
هي مهارة ستحتاج إليها بداية من مقابلة العمل وطوال مسيرتك المهنية؛ إذ يجب أن تنجح في التواصل الناجح مع مديرك أو موظف الموارد البشرية؛ ويرتكز هذا التواصل الفعال على نبرة صوتك وطريقك جلوسك وتعبيرات وجهك التي ترسل إشارات إلى المدير وتعطيه نبذة عن شخصيتك.
بعد أن تنجح في الحصول على الوظيفة عليك أيضًا أن تتواصل بفاعلية مع زملائك في العمل ومع العملاء وكذلك المنافسين، ولذلك فركز خلال سنوات الجامعة على تنمية هذه المهارة لأنك ستحتاج إليها لمدة طويلة في حياتك المستقبلية.
مهارة الرعاية الذاتية
أثناء عملي الأول بإحدى الصحف كانت لدي صديقة تعتمد بشكل مبالغ فيه على والدتها في كل أمور حياتها؛ بداية من تحضير الطعام وحتى تجهيز ملابسها للعمل، وفي إحدى الأيام اضطرت والدتها إلى السفر وهو ما جعل صديقتي تنهار؛ كان أداؤها في العمل سيئًا وكانت تأتي متأخرة وفي حالة مزاجية صعبة وهي غير قادرة على التركيز إذ لا يمكنها إعداد القهوة لنفسها.
على العكس منها تماماً؛ علمتني فترة الجامعة الاعتماد بشكل كامل على ذاتي؛ كنت أحدد أوقات نومي على أساس احتياجي الجسدي والصحي، وكنت أطهو وأمارس الرياضة وأرتب مكاني وهي الأمور التي جعلتني أتكيف مع الإجهاد وأتأكد بأن كل أموري تحت سيطرتي كما أن تنظيم النوم حسن من حالتي المزاجية وهو الأمر الذي انعكس على إنتاجيتي في العمل.
طلب المساعدة عند الحاجة
حين نكون على دراية تامة بأنفسنا ونعرفها عن قرب فنحن بالتأكيد نعلم متى نطلب المساعدة من الآخرين.
سنوات الكلية هي وقت لتعلم معلومات جديدة ومهارات حياتية جديدة وطريقة جديدة للتواصل مع عالمنا، وطلب المساعدة عندما نحتاجها هو علامة على القوة والصدق مع النفس، وليس اعترافًا بالفشل.
مهارات البحث والعرض
يعد البحث من أهم المهارات الأكاديمية التي ستتعلمها أثناء الدراسة الجامعية، وبعد التخرج ستحتاجه أيضًا في العمل إذ ستكون قد تعلمت بالفعل حينها إتقان البحث على الإنترنت وكيفية العثور على المعلومات التي تحتاجها، ومعرفة المعلومات المهمة والموثقة من تلك الغير مهمة والتي لا يمكن الاعتماد عليها.
ولن يقتصر الأمر على مهارة البحث ففي الجامعة أيضًا ستتعلم مهارات العرض التقديمي؛ ورغم أنها مهارة كان أغلبنا لا يحبها إلا أنها ساعدتنا على كسر حاجز الخوف والخجل والقلق، ولهذا وحين ستقوم بعرضك التقديمي في العمل ستكون بالفعل قد تركت الخوف وراء ظهرك وسيكون عرضك حينها منظماً ومثيراً للإعجاب وهو الأمر الذي سيعزز من ثقتك بنفسك.